والله الذي لا إله إلا هو لو بَلَغْتَ أعلى مراتب العلم في الأرض ولم يكن لك عمل صالحٌ من الدين يدعِّم هذا العلم فلا قيمة لعِلْمك عند الله إطلاقاً، المشكلة أن العلم وسيلة، وقد ظنّه الناس غاية، ما لم تتأكد أنّ كل علم تتعلمه إنما هو وسيلة كي ينقلك إلى التطبيق، فهذا العلم وبال على صاحبه، قال الحسن البصري:
((الْعِلْمُ عِلْمَانِ؛ فَعِلْمٌ فِي الْقَلْبِ فَذَلِكَ الْعِلْمُ النَّافِعُ، وَعِلْمٌ عَلَى اللِّسَانِ فَذَلِكَ حُجَّةُ اللَّهِ عَلَى ابْنِ آدَمَ))
[الدارمي عن الحسن]
هذا الباب باب طلب العلم، باب الاستزادة من العلم يؤكده قوله تعالى:
﴿ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً ﴾
[سورة طه: 114]
يؤكده أن الله سبحانه وتعالى اعتمد قيمة العلم كقيمة وحيدة مرجِّحة بين البشر، قال تعالى:
﴿ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ﴾
[سورة الزمر: 9]
وقال تعالى:
﴿ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ ﴾
[سورة يوسف: 76]
إذاً إذَا أردت الدنيا فعليك بالعلم، وإذا أردت الآخرة فعليك بالعلم، وإذا أردتهما معاً فعليك بالعلم، والعلم لا يعطيك بعضه إلا إذا أعطيته كلك، فإذا أعطيته بعضك لم يعطِك شيئاً.
هل تسمح لنفسك أن تقول: أنا مشغول، مشغول بماذا؟ لماذا أنت في الدنيا؟ أي شيء يشغلك عن طلب العلم؟ سوف تعدُّ تقصيرك غبناً كبيراً يوماً ما.