توضيح نقطة:هل الإنسان مُسير أو مُخيَر؟؟
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبى بعده ..وبعد.
فقد
أطلعت بقدر الله _رغم قلة مطالعاتى للمنتدى هذه الشهور _على موضوع أخينا
الفاضل الكريم "أبو أنس" _رفع الله قدره_ والذى عنون له ((هل الإنسان مسير
أو مخير؟ ولماذا يحاسبنا الله على أعمال كتبها علينا؟)) فرغبت فى التعليق
على هذه المسألة التى لطالما يسأل فيها الكثير ....
وأنبه أنى :أنصح
بالرجوع إلى موضوع أخينا الفاضل أولاً والإطلاع عليه وهضم ما جاء فيه وفيه
الكفاية إن شاء الله لكن موضوع سيكون تكميلياً لما سطره _حفظه الله_ والله
المستعان...
وهاكم رابط موضوعه _وفقه الله_::
هل الإنسان مسير أو مخير؟ ولماذا يحاسبنا الله على أعمال كتبها علينا؟
أولاً:: بدعية هذه المسألة :..
هذه المسألة يوردها كثير من المتأخرين , بل وبعضهم يجعل القضاء والقدر هو فهم هذا السؤال والإجابة عنه !!!!
وقد
أُخذت هذه المسألة من علم الكلام والفلسفة ولم ترد فى الشرع ولا عن أحد من
السلف وقد جاء فى الشرع وكلام السلف ما يكفى ويشفى , وذكر الأئمة من أهل
السنة مسائل القدر إجمالاً وتفصيلاً حتى انجلى الحق وبانت الحجة وزالت
الشبهة ولو رجع من أراد معرفة هذه المسألة إلى ما ذكره العلماء لما إحتاج
إلى كلام غيرهم فيما لا عائدة ولا فائدة من وراءه إلا ضياع وتخبط وتناقض.
ثانياً:: وجوب الإستفصال فى المجملات :...
فهذه
المسألة وغيرها من مسائل الإعتقاد فى القدر والصفات والواردة على صيغة
سؤال مجمل لا ينبغى للسلفى الإجابة عنها حتى يستفصل عن معناها لأن أكثر
المسائل فى العقيدة من المجمل فى الكلام انبثقت عن علم الكلام.
وعلى هذا ::فمسألة هل الإنسان مُسير أم مُخير يُقال فيها ::
_ما المقصود بُمسير ومخير قبل كل شىء وما معناها؟؟
1_معنى مُسير ::
*إن
أُريد بالمسير :: من هو داخل تحت ربوبية الله وخلقه ولا يخرج عن قضاءه
وقدره وأن كل أفعاله وتصرفاته لا تجرى إلا إذا شاءها الله وأرادها .
فنقول:: هذا ((حق)) وهو مُسير على هذا المعنى ولكن ((لا نُطلقه)) لأنه لم يرد فى النصوص ولوجود من يفهمه على غير هذا المعنى .
*وإن أريد بالمُسير :: ما تقصده ((الجبرية)) وأنه المجبور وهو الذى لا إرادة له ولا إختيار بل هو "مجبور".
فنقول:: هذا المعنى والمراد ((باطل)) ولا يصح إطلاقه على الإنسان والإنسان ليس بمُسيَر على هذا المعنى .
2_ معنى المُخير::
*إن
أُريد بالمُخيَر:: ما هو ضد (الجبر) وهو من له إرادة حقيقية وقدرة مؤثرة
وأنه يفعل ما يشاء وإن لم يكن خارج مشيئة الله فهذا المعنى (صحيح) ويكون
الإنسان ((مُخيَر)) على هالمعنى.
*وإن أريد بالمُخيَر:: ما تريده
((القدرية)) أن الإنسان يختار فعله دون أن يريد الله ذلك وأن مشيئة الله لا
تنفذ ولا تشمل أفعال الإنسان فالله لا يريد ولا يشاء أفعال العباد .
فهذا المعنى ((لا شك أنه باطل)) ولا يُطلق على الإنسان أنه (مُخيَر) على هالمعنى.
ثالثاً::هل يُقال الإنسان مُسيَر أو مُخيَر؟؟
بعد الإجابة عن الإجمال السابق وتجلية المسألة نذكر الجواب عنها فنقول::
الإنسان
مُخيَر على معنى غير ما تريده ((القدرية)) ومُسيَر على معنى غير ما تريده
((الجبرية)) ..فهل يقال الإنسان مُسيَر أو مُخيَر؟؟؟
الجواب:: إن الإنسان ((مُخيَر)) أى:: له إختياره وقدرة وإرادة ...
و((مُسيَر)) حيث أنه داخل تحت قدرة الله ...
وأن الإنسان وإن كان له إرادة وفعل وإختيار إلا أنها داخلة تحت مشيئة الله والدليل "وَمَا تَشَاءُونَ إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ"
فقوله تعالى (("وَمَا تَشَاءُونَ ))::تدل على إثبات أن لهم مشيئة فتدل على أن الإنسان ((مخير))
وقوله " إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ":: تدل على أن تلك المشيئة والفعل بقضاء الله وقدره الشامل لكل شىء فالإنسان ((مُسير))
على ذلك المعنى فالإنسان ((مُخير ومسيَر))
أما على ما تريده الفرق الضالة أو من تأثر بهم ((فالمُسيَر والمُخيَر)) منتفيه ويقال ::
الإنسان ليس مُسيَر على ما تريده وتفهمه الجبرية بل هو مُخيَر فى معرض الرد عليهم .
وكذا الإنسان ليس مُخيَر على ما تريده وتفهمه القدرية بل هو مُسيَر فى معرض الرد عليهم.
رابعاً:: اللفظ الصحيح للمسألة ::
كان الأولى حين السؤال عن هذه المسألة أن يُقال ((هل الإنسان له قدرة ومشيئة أو لا وهل هى داخلة فى مشيئة الله أولا لا؟؟))
حيث أن مقولة :: هل الإنسان مُسيَر أو مُخيَر ؟؟ تحمل معنى مُجمل يحتمل الحق والباطل ويحتاج الإستفصال ..
الخلاصــــــــــة فى المسألة ::
أن الإنسان مُسيَر ومُخيَر معاً على مذهب أهل السنة .
ويكون معنى "مُسَير " الذى نقصده :: أن أفعاله داخلة تحت قضاء الله وقدره ومشيئته وفعله تعالى شأنه..
ومعنى " مُخيَر" :: أن للعبد إختيار وقدرة وفعل ومشيئة .
وليس ((مُسيَر)) على مذهب (الجبرية)
وليس ((مُخيَر)) على مذهب (القدرية)....
والله
أسأل أن تكون المسألة اتضحت ويعلم الله مدى حيائى أن أُسطر هذه الكلمات فى
وجود من هم أفضل وأعلم منى بمراحل تُقطع دونها المفاوز لكن عسى الله أن
يرحم راقم هذه السطور وينفع بها مسلماً والله المستعان....
والحمد لله رب العالمـــــــــين