شاع وانتشر في عصرنا الحديث عن الإعجاز العلمي في القرآن الكريم ، ولم يحظ الإعجاز العلمي في السنة بمثل هذا الاهتمام

الإعجاز العلمي في الحديث
الدكتور شرف القضاة
كلية الشريعة - الجامعة الأردنية
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين وبعد ؛
فقد شاع وانتشر في عصرنا الحديث عن الإعجاز العلمي في القرآن الكريم ، ولم
يحظ الإعجاز العلمي في السنة بمثل هذا الاهتمام ، حتى ظن بعضهم أن الحديث النبوي
ليس فيه إعجاز علمي ، ربما قياسا على أن الحديث النبوي ليس فيه إعجاز بياني ، فأردت
في هذا البحث أن أكشف اللثام عن بعض جوانب الإعجاز العلمي في الحديث النبوي
الشريف ، التي لا يمكن أن تكون من عند محمد صلى الله عليه وسلم وهو النبي الأمي ،
ولا يمكن أن تكون من بيئته وهي بيئة أمية لم تكن فيها العلوم الطبيعية متقدمة ، كما لا
يمكن أن يكون ذلك من معلومات عصره ، فإن ما سأذكره من أمثلة لم يكتشفها العلماء
إلا في القرن التاسع عشر والقرن العشرين ، مما يدل على أا لا يمكن أن تكون إلا من
عند الله تعالى، مما يعطي أدلة جديدة على أن هذا الدين هو الحق الذي لا مرية فيه .
وسنجد الأحاديث النبوية قد صيغت بأسلوب يناسب العصر النبوي ، ولكنها
أكثر وضوحا في عصرنا الذي تكشفت فيه كثير من الحقائق العلمية .
وشرطي فيما سأذكر من أمثلة :
1. أن أقتصر على الأحاديث القوية فقط لأنه لا حجة في غيرها .
2. أن لا أتعرض للحِ َ كم العلمية التشريعية في الحديث النبوي كالحِ َ كم العلمية في
الطهارة والصلاة والصيام وغيرها ، فذلك موضوع طويل جدا لا يتسع له بحث ، وإنما
يحتاج إلى كتب ، وقد بدأت تظهر فيه بعض الكتب المتخصصة ، والحمد لله تعالى ،
وقد أشرت إلى أهمها في مراجع البحث .
3. أن لا أتطرق أيضا إلى التفسير العلمي للأحاديث التي سأستشهد ا ، وإنما سأبين
فقط ما فيها من إعجاز علمي .
4. أن أقتصر على ما اختص به الحديث النبوي من إعجاز علمي دون ذكر لما شارك
فيه الحديث القرآن الكريم ، لأن ما ورد ذكره في القرآن الكريم وفي السنة ربما كان
له اعتمادا على القرآن الكريم وليس وحيا مستقلا . ρ ذكر النبي
وقد قسمت الموضوع إلى ثلاثة أقسام : أولها : ما جاء في خلق الإنسان ، وثانيها:
ما جاء في المرض والوقاية والعلاج ، وثالثها : ما جاء في الكون .
القسم الأول : الأحاديث النبوية في خلق الإنسان
ماء المرأة :
المدينة فأتاه يسأله عن أشياء فقال ρ عن أنس أن عبد الله بن سلام بلغه مقدم النبي
إني سائلك عن ثلاث لا يعلمهن إلا نبي .. وما بال الولد يترع إلى أبيه أو إلى أمه ؟ قال :
.. وأما الولد فإذا سبق ماءُ الرجل ماءَ المرأة نزع الولدَ وإذا سبق ماءُ المرأة ماء الرجل
. نزعت الولدَ قال أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله 1
وهو ρ وفي رواية أخرى عن عبد الله بن مسعود قال مر يهودي برسول الله
يحدث أصحابه فقالت قريش يا يهودي إن هذا يزعم أنه نبي فقال لأسألنه عن شيء لا
يعلمه إلا نبي قال فجاء حتى جلس ثم قال يا محمد مم يخلق الإنسان قال يا يهودي من كلٍ
. يخلق من نطفة الرجل ومن نطفة المرأة 2
يتحدث هذا الحديث النبوي وغيره من الأحاديث النبوية عن حقيقة علمية لم
تعرف إلا قبل قرن واحد فقط ، وهي أن للمرأة ماء كما أن للرجل ماء ، وأن الجنين يخلق
من مائهما ، في وقت كانت نظرية أرسطو في تكوين الجنين هي النظرية السائدة بين
العلماء منذ القرن الرابع قبل الميلاد وحتى القرن السابع عشر الميلادي ، وهي أن الجنين
يخلق خلقا كاملا من دم الحيض ، وأن دور ماء الرجل يقتصر على عقد دم الحيض كما
تعقد الأنفحة اللبن وتجعله جبنا .
وبعد اختراع اهر في القرن السابع عشر واكتشاف كل من الحوين المنوي
والبييضة برز الصراع بين نظريتين : نظرية تقول بأن الجنين مخلوق خلقا كاملا وموجود
. 1 البخاري ، الجامع الصحيح ، كتاب المناقب ، رقم الحديث 3938
، 339 ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، رقم الحديث 9075 / 2 النسائي ، أحمد بن شعيب ، السنن الكبرى 5
. 495 ، رقم الحديث 4438 / وأحمد بن حنبل ، المسند 1
بصورة مصغرة دقيقة في الحيوان المنوي ، وأن المرأة ليس لها دور إلا في حمل الجنين وتغذيته
، وأخرى تقول بأن الجنين مخلوق خلقا كاملا في البييضة وأن دور الحوين المنوي إنما هو
دور مساعد فقط ، واستمر الصراع بين هاتين النظريتين حتى ظهرت في اية القرن الثامن
عشر الميلادي النظرية التي تقول بأن كلا من الحوين المنوي والبييضة يساهم في تكوين
الجنين ، ثم أمكن إثبات ذلك في اية القرن التاسع عشر الميلادي ، ولم يتأكد ذلك بما لا
. يدع مجالا للشك إلا في القرن العشرين 3
وقد كان العلماء المسلمون يرفضون نظرية أرسطو ، وكانوا يقولون بخلق الجنين
من كل من ماء الرجل وماء المرأة ، وذلك استنادا إلى الأحاديث النبوية ، فهذا ابن حجر
العسقلاني قبل ستة قرون يقول : وزعم كثير من أهل التشريح أن مني الرجل لا أثر له في
. الولد إلا في عقده ، وأنه إنما يتكون من دم الحيض ، وأحاديث الباب تبطل ذلك 4
وهكذا لم تعرف نظرية خلق الجنين من كل من ماء الرجل والمرأة إلا في القرن
الثامن عشر الميلادي ، ولم تثبت إلا في القرن التاسع عشر ، أي بعد العصر النبوي بثلاثة
هذه المعلومات ؟ إا لا يمكن أن تكون من معلوماته ، بل ρ عشر قرنا، فمن أين لمحمد
ولا من معلومات بيئته ، بل ولا يمكن أن تكون من معلومات عصره ، إا لا يمكن أن
تكون إلا وحيا من عند الله الخالق سبحانه وتعالى .
بل إن الحديث كما رواه الإمام مسلم يعطي صفة أخرى لماء المرأة لم يعرفها العلماء إلا في
القرن العشرين وهي أن ماء المرأة أصفر ، فقد تبين أن السائل الذي يحمل البييضة أصفر
اللون 5 ، كما أنه من المعروف أن السائل الذي يحمل الحوين المنوي أبيض ثخين ، فعن
فجاء حبر من أحبار اليهود ρ قال : كنت قائما عند رسول الله ρ ثوبان مولى رسول الله
188 و 390 ، الدار السعودية ، - 3 البار ، الدكتور الطبيب محمد علي ، خلق الإنسان بين الطب والقرآن 183
جدة ، ط 1984 ، 5 م ، وجورنجر الدكتور الطبيب ج . س وآخرون ، علم الأجنة في ضوء القرآن والسنة
ص 13 و 22 ، هيئة الإعجاز العلمي برابطة العالم الإسلامي ، مكة المكرمة .
491 ، دار المعرفة بيروت . / 4 ابن حجر العسقلاني ، فتح الباري 11
327 ، الشركة المتحدة للتوزيع ، / 5النسيمي ، الدكتور الطبيب محمود ناظم ، الطب النبوي والعلم الحديث 3
. بيروت ، ط 84 ، 1 م ، والبار ، خلق الإنسان 178
فقال : جئت أسألك عن شيء لا يعلمه أحد من أهل الأرض إلا نبي أو رجل أو رجلان
. .. جئت أسألك عن الولد قال : ماء الرجل أبيض وماء المرأة أصفر 6
ويعد هذا إعجازا علميا في الحديث النبوي الشريف ، لا يمكن لبشر أن يعرفه إلا
أن يعرفه بدون وحي ؟ إنه بلا أدنى شك ρ بعد اكتشافه في القرن العشرين ، فأنى لمحمد
كلام الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى .
العزل :
عن العزل فقال: ما من كل الماء ρ عن أبي سعيد الخدري قال : سئل رسول الله
. يكون الولد وإذا أراد الله خلق شيء لم يمنعه شيء 7
إن في هذا الحديث النبوي إعجازا علميا من جانبين :
الأول : أن أحدا لم يكن يعلم قبل - القرن العشرين - أن الجنين يخلق من حوين
منوي واحد فقط ، بينما تحتوي القذفة الواحدة من مني الرجل على مائتين إلى ثلاثمائة
مليون حوين منوي في المعدل ، يكون حوالي عشرون بالمائة منها غير صالح للتلقيح ، ثم
يموت في المهبل عدد كبير منها ، ثم يموت على عنق الرحم عدد آخر ، ثم تذهب مجموعة
منها إلى قناة الرحم اليمنى والباقي إلى قناة الرحم اليسرى وهي لا تدري في أي منهما
تكون البييضة، ولا يصل منها في النهاية إلا حوالي خمسمائة ، ولا يقع الاختيار إلا على
. واحد منها فقط 8
الثاني : أن موانع الحمل كالعزل وما شاها لا تحول بشكل كامل دون الحمل ،
فلكل طريقة من طرق منع الحمل نسبة فشل ، فمن المعلوم طبيا أن نسبة الفشل في العزل
حوالي 22 % بسبب عدم القدرة على التحكم في الإنزال ، أو أن بعض الحوينات المنوية
تترل قبل الإنزال أو لأسباب أخرى لا مجال لذكرها هنا ، بل إن نسبة الفشل في منع
الحمل بواسطة قطع قناتي الرحم وربطهما عن طرق المهبل تصل إلى 55 % ، وأما إذا
4 - % كانت عن طريق فتح البطن وبواسطة جراح ماهر فإن نسبة الفشل تتدنى إلى 1
. 6 مسلم ، الصحيح ، كتاب الحيض ، رقم الحديث 315
. 7 مسلم ، الصحيح ، كتاب النكاح ، رقم الحديث 1438
. 8 البار ، خلق الإنسان 386 ، 111
% فقط ، بينما تصل نسبة الفشل في اللولب إلى 6 % ، وتصل في طريقة تنظيم الجماع
. إلى حوالي 4% ، في طريقة حبوب منع الحمل إلى حوالي 2.5 % وهكذا 9
استقرار النطفة :
قال يدخل الملك على النطفة بعد ما تستقر في ρ عن حذيفة بن َأسيد يبلغ به النبي
. الرحم بأربعين أو خمسة وأربعين ليلة 10
إن في هذا الحديث إعجازا علميا حيث يبين أن النطفة تكون متحركة في مرحلتها
الأولى ثم تستقر في الرحم ، وقد بين العلم الحديث أن الحوين المنوي إذا لقح البييضة في
قناة الرحم وأصبحت نطفة أمشاجا بالتعبير القرآني أو ( زايجة ) كما يسموا طبيا تبدأ
بالانقسام والتكاثر حتى تصبح كحبة التوت ، وتكون في الوقت نفسه مستمرة في حركتها
ورحلتها إلى الرحم ، فتدخله بعد حوالي ثلاثة أيام ، ثم تبدأ بالعلوق فيما بين اليوم
الخامس والسابع ، وعندها تستقر وتنتهي رحلتها التي تستغرق حوالي أسبوعا من قناة
الرحم إلى الجهة العلوية من جدار الرحم ، وبذلك تكون قد انتهت مرحلة النطفة وبدأت
مرحلة جديدة هي مرحلة الانغراس ، وهذا لم يعرفه العلماء المتخصصون إلا في منتصف
هذا القرن تقريبا ، فلا شك أن هذه المعلومات ليست من مصدر بشري ، وإنما هي من
. الله سبحانه وتعالى 11
الجنين في الأربعين الأولى :
وهو الصادق المصدوق قال : إن ρ عن عبدالله به مسعود قال حدثنا رسول الله
. أحدكم يج  مع  خْلُقه في بطن أمه أربعين يوما 12
إن خلق الجنين كما يدل عليه الحديث يتم في أربعين يوما ، وقد كان يقول بذلك
بعض كبار العلماء المسلمين استنادا إلى الحديث مع تفصيلات اجتهادية من بعض الأطباء
. 509 - 9 البار ، خلق الإنسان 505 ، 495 ، 388
. 10 مسلم ، الصحيح ، كتاب القدر ، رقم الحديث 2644
. 331 ، والبار ، خلق الإنسان 204 ، وجورنجر ، علم الأجنة 49 / 11 النسيمي ، الطب النبوي 3
12 البخاري ، الصحيح ، كتاب بدء الخلق ، رقم الحديث 3208 ، ومسلم ، الصحيح ، كتاب القدر ، رقم
. الحديث 2643
حيث يقول ابن القيم بعد ذكر الحديث : قالوا إن المني إذا اشتمل عليه الرحم ولم يقذفه
استدار على نفسه واشتد إلى تمام ستة أيام ، فينقط فيه ثلاث نقط في مواضع القلب
والدماغ والكبد ، ثم يظهر فيما بين تلك النقط خطوط خمسة إلى تمام ثلاثة أيام ثم تنفذ
الدموية فيه إلى تمام خمسة عشر يوما فتتميز الأعضاء الثلاثة ثم تمتد رطوبة النخاع إلى تمام
اثني عشر يوما ، ثم ينفصل الرأس عن المنكبين والأطراف .. في تسعة أيام ثم يتم التميز
. بحيث يظهر للحس في أربعة أيام فيكمل أربعين يوما ، وفيه تفصيل ما ُأجمل 13
ويقول الدكتور محمد علي البار تعليقا على ذلك :ونحن نرى أن الخلق كله يجمع في
الأربعين .. وأن النطفة والعلقة والمضغة كلها تكون في الأربعين .. ونحن نعلم أن البويضة
الملقحة تنقسم وتصير مثل التوتة ثم مثل الكرة وتسمى الكرة الجرثومية من غير استمداد
من الرحم وذلك لمدة ستة أيام ، ثم تعلق في اليوم السابع وتبدأ استمدادها من الرحم ، ثم
تبدأ الدورة الدموية في الجنين في الأسبوع الثالث .. ثم تتحول العلقة إلى مضغة ويبدأ فيها
تخليق الأعضاء .. اللحم والجلد والعظام والجهاز العصبي والأطراف .. وكل هذا يحدث
. في فترة تكوين الأعضاء التي تمتد من الأسبوع الرابع وتنتهي في الثامن 14
المسخ لا نسل له :
وُذكرت عنده القردة .. والخنازير ρ عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله
من مسخ فقال : إن الله لم يجعل لمسخ نسلا ولا عقبا وقد كانت القردة والخنازير قبل
. ذلك 15
يدل هذا الحديث على أن المسخ لا يتناسل ، وهذه حقيقة علمية في الإنسان
والحيوان ، ونحن لم نر مثل حالات المسخ التي ذكرت في الحديث وهي أن يتحول إنسان
إلى حيوان ، ولكننا نرى حالات من المسخ النسبي أو الجزئي وقد ثبت علميا أا لا نسل
لها فكيف بحالات المسخ التام .
. 491/ 13 ابن حجر ، فتح الباري 11
. 14 البار ، خلق الإنسان 403
. 15 مسلم ، الصحيح ، كتاب القدر ، رقم الحديث 2663
فقد ثبت أن الأجنة التي تولد ممسوخة إما أن تولد ميتة ، أو تعيش لبضعة أيام ثم
تموت ، فكيف لها أن تنجب ؟ وإذا كانت الإصابة أخف مثلما يكون في حالة ( ترنر )
فإن هذه X التي لا يوجد فيها إلا كروموسوم واحد للجنس وهو الكروموسوم الأنثوي
الحالة تظهر أنثى ولكنها لا تحمل ولا تلد مطلقا ، وكذلك حالة ( كلينفلتر ) حيث يكون
أي يحمل شارتين أنثويتين وشارة واحدة مذكرة ، فإن هذه XXY كروموسوم الجنس
. الحالة تبدو ذكرا شكلا ولكنه عقيم لا ينجب ولا نسل له 16
الجنين في الأسبوع السابع :
يقول : إذا مر بالنطفة ثنتان ρ عن عبد الله بن مسعود قال : سمعت رسول الله
وأربعون ليلة بعث الله إليها ملكا فصورها وخلق سمعها وبصرها وجلدها ولحمها
. وعظامها ثم قال يا رب أذكر أم أنثى فيقضي ربك ما شاء 17
وفي رواية حذيفة بن َأسيد : فيقول يا رب أذكر أو أنثى فيجعله الله ذكرا أو
. أنثى ثم يقول يا رب أسوي أو غير سوي فيجعله الله سويا أو غير سوي 18
يكون الجنين البشري في الأسابيع الأولى مشاا لأجنة الحيوانات الثديية ، ولكنه
يبدأ بأخذ شكله البشري المتميز عن بقية الأجنة في الأسبوع السابع من عمره .. ويبقى
الجنين تشريحيا ومخبريا محايدا جنسيا حتى الأسبوع السابع ، ولا يمكن تمييز الذكر عن
الأنثى ، حيث إن المناسل الابتدائية ما تزال غير متمايزة إلى خصيات أو مبايض ، ولكنها
تبدأ بالتمايز في الأسبوع السابع ، ولكن لا يمكن تمييزه بسهولة من خلال الأعضاء
الخارجية إلا في الأسبوع الثاني عشر .. ومصير الجنين من حيث التشوه أو عدمه يتحدد
. 16 البار ، خلق الإنسان 408
. 17 مسلم ، الصحيح ، كتاب القدر ، رقم الحديث 2645
18 المصدر السابق .
بشكل عام في الأسبوع السابع كذلك ، إن هذا الحديث الذي ردده المؤمنون منذ أربعة
فكأنما هو عالم أجنة في ، ρ عشر قرنا إنما هو معجزة من معجزات الصادق الأمين
. الستينيات من هذا القرن 19
القسم الثاني : الأحاديث النبوية في المرض والوقاية والعلاج :
شكوى الجسم وتداعيه
مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم : ρ عن النعمان بن بشير قال : قال رسول الله
. وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى 20
حال الأمة الإسلامية بحال الجسد ، وهو تشبيه كان يفهم بمعناه العام ρ يشبِّه النبي
أو اازي ، ولكن العلم الحديث في الربع الأخير من القرن العشرين كشف عن الإعجاز
العلمي في هذا الحديث ، حيث تبين أن العضو المصاب يرسل نبضات عصبية حسية إلى
الدماغ وإلى مراكز الحس والتحكم غير الإرادي ، ويرسل العضو المصاب مع أول قطرة
دم تترف أو نسيج يتهتك أو ميكروب يدخل يرسل مواد كيماوية وهرمونات إلى مناطق
مركزية في المخ والأعضاء المتحكمة في عمليات الجسم الحيوية ، إا رسائل شكوى
واستغاثة حقيقية ، ليست موجهة إلى أي مكان في الجسم ولكن إلى أماكن معينة في
الدماغ هي التي تملك توجيه سائر الجسد لإغاثة العضو المصاب .
وأما التداعي فإن الجسم يتداعى حقيقة بلغته الخاصة لإنقاذ العضو المشتكي :
1. فهو يتداعى أي يدعو بعضه بعضا للعمل ، فمراكز الإحساس تدعو مراكز اليقظة
والتحكم في ما تحت المهاد ، وهذه تدعو الغدة النخامية لإفراز الهرمونات التي تدعو
باقي الغدد الصماء لإفراز الهرمونات التي تحفز وتدعو جميع أعضاء الجسم لتوجيه
وظائفها لنجدة العضو المشتكي .
، 344 ، والبار ، خلق الإنسان 395 ، وجورنجر ، علم الأجنة 98 - 342/ 19 النسيمي ، الطب النبوي 3
. وبرسود ، الدكتور الطبيب ت . ف . ن . وآخرون ، علم الأجنة 169 ، 119
. 20 مسلم ، الصحيح ، كتاب البر والصلة ، رقم الحديث 2586
2. والجسم يتداعى أي يوجه كل طاقاته لإنقاذ المشتكي ، فالقلب يسرع نبضاته لتسريع
دوران الدم ، والأوعية الدموية تنقبض في الأجزاء الخاملة من الجسم وتتسع في الأجزاء
المحيطة بالعضو المصاب لكي تحمل له ما يحتاجه من طاقة وأوكسجين وأجسام مضادة
وهرمونات وأحماض أمينية بناءة لإمداده بما يحتاج إليه ليقاوم المرض ويلتئم ، وهي
خلاصة أعضاء الجسم المختلفة كالكبد والغدد الصماء والعضلات ومختزن الدهون .
3. وهو يتداعى بمعنى يتهدم وينهار ، فيبدأ دم مخزون الدهن ولحم العضلات (
البروتينات ) لكي يعطي من نفسه لمصلحة العضو المصاب ما يحتاجه ، ويكون الهدم
بالدرجة التي تناسب شدة الحالة ، وربما وصل الجسم إلى نصف وزنه في بعض
الحالات ، ويبقى الجسم كذلك حتى تتم السيطرة على المرض ، ثم يعود الجسم لبناء
نفسه .
إا إذن عملية شكوى واستغاثة حقيقية ، وعملية تداعي حقيقية وصفهما الرسول
بكلمتين تجمعان كل ما كشفه العلم في هذا اال ، وتناسبان ما يمكن أن يستوعبه ρ
الناس في ذلك الزمان .
وإن من العجيب بعد ذلك أن يسمي العلماء الغربيون الجهاز العصبي الذي يتفاعل
حيث سموه ( ، ρ في حال تعرض الجسم للخطر بالاسم نفسه الذي سماه به النبي
. أي المتعاطف أو المتواد أو المتراحم 21 (sympathetic
السواك :
. قالت عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم : السواك مطهرة للفم مرضاة للرب 22
الأحاديث الصحيحة في الحث على السواك كثيرة ، ولكن هذا الحديث يتميز ببيان
ولا بعده بقرون طويلة ، وإنما أثبتتها ρ فائدة صحية للسواك لم تكن معروفة زمن النبي
21 سالم ، الدكتور الطبيب ماهر محمد ، مجلة الإعجاز العدد الثالث ، هيئة الإعجاز العلمي ، مكة المكرمة .
22 البخاري ، الصحيح ، معلقا بصيغة الجزم ، كتاب الصوم ، باب سواك الرطب واليابس للصائم ، وابن خزيمة ،
348 ، رقم / 70 ، رقم 135 ، المكتب الإسلامي ، بيروت ، 1970 م ، وابن حبان ، الصحيح 3 / الصحيح 1
1067 ، الرسالة ، بيروت ، 1993 م ، مراجعة شعيب الأرناؤوط ، وقال إسناده جيد ، وصححه الألباني .
الأبحاث الحديثة في اية القرن العشرين ، وهذه الفائدة هي تطهير الفم ، وقد كان يفهم
ذلك بمعنى تنظيفه، ولكن العلم كشف عن معنى جديد للتطهير وهو تطهير الفم من
الجراثيم.
إن الفم يحتوي على أعداد هائلة من الجراثيم تزيد على مائة نوع من الجراثيم
البكتيرية والفيروسية والطفيلية ، وتقدر أعدادها بالملايين وربما بالبلايين في الملمتر المكعب
الواحد من اللعاب ، وهي تتضاعف في كل ساعة تقريبا ، وتؤثر على رائحة الفم ولون
. الأسنان 23
وتتكون على الأسنان لويحة جرثومية تلتصق ا ، وتتكون سريعا وخلال أقل من
ساعة من تنظيف الأسنان ، ويزداد سمكها مع مرور الوقت إذا لم يتم إزالتها ، وهذه
اللويحة هي المسؤولة عن أمراض اللثة ونخر الأسنان لما تحتويه من بلايين الجراثيم ، ولا
علاقة لهذه اللويحة بالأكل وفضلات الطعام - كما يظن عامة الناس - فهي دائمة التكون
، ولذلك لا بد من إزالتها بشكل متكرر أي كل أقل من ساعة ، ولا يتيسر هذا باستعمال
كان يتسوك كثيرا حتى كلما ρ فرشاة الأسنان ، وهنا يبرز إعجاز آخر وهو أن النبي
استيقظ من النوم ، فعن حذيفة قال كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل
يشوص فاه بالسواك 24 . وهذا ما حثت عليه السنة النبوية ، فقد حثت على السواك عند
كل وضوء وعند كل صلاة دون تفريق بين المفطر والصائم ، وعند النوم والاستيقاظ
. وعند تغير رائحة الفم 25
ويعد السواك واسطة لتنظيف الأسنان وتدليك اللثة ، وبغير ذلك فإن الإنسان
يصاب بعدد من الأمراض منها : تسوس الأسنان والقلح وهو ترسب الأملاح الكلسية
على الأسنان، والتهابات الفم واللثة ، والتهاب اللوزتين وغيرها .
ويتميز السواك المتخذ من عود الأراك بما يلي :
، 17 - 23 القضاة ، الدكتور عبد الحميد ، اختصاصي علم الجراثيم ، تفوق الطب الوقائي في الإسلام 14
المستشفى الإسلامي ، ط 1987 ، 1 م .
. 24 البخاري ، الصحيح ، كتاب الوضوء ، رقم الحديث 246
25 الصاوي ، الدكتور الطبيب عبد الجواد ، من إعجاز القرآن والسنة في الطب الوقائي ، مجلة الإعجاز ، العدد
الثالث .
1. يتميز بأليافه الدقيقة اللطيفة التي تقوم بتنظيف الأسنان وإزالة الفضلات .
2. احتواؤه على مواد منظفة وبلورات السيليس ، وأملاح معدنية ومواد صمغية
ونشاء.
3. احتواؤه على مواد كيميائية مضادة للعفونة وقاتلة للجراثيم ، فهو يحتوي على مادة
شبيهة بالبنسلين ، ويحتوي مادة السنجرين وهي ذات تأثير شديد على الجراثيم ، ويكثر
. فيه حمض العفص وهو قاتل للجراثيم ومطهر قوي ويشفي جروح اللثة والتهاباا 26
وتصبح هذه المواد أكثر فاعلية باتحادها مع اللعاب ، ولقد بين رودات مدير معهد علم
الجراثيم والأوبئة في جامعة روستوك في ألمانيا أنه وضع مسحوق عود الأراك المبلل على
مزارع المكورات العنقودية وهي أهم الجراثيم الموجودة في الفم فتبين أنه يقوم بما يقوم به
البنسلين .
4. في سواك الأراك مادة عطرية زيتية منحلة تعطي الفم رائحة زكية وطعما حسنا .
. من أجل تلك الفوائد يحسن بأن تؤخذ خلاصته ويدخل في المستحضرات السنية 27
5. احتواؤه على مادة الفلورايد التي تتفاعل مع إحدى مكونات سطح الأسنان فتقاوم
المفرزات البكتيرية الضارة ، كما يقاوم الفلورايد التسوس ، ويقلل من نمو البكتيريا ،
ويحتوي السواك كذلك على مادة السليكون التي تساعد على إزالة الفضلات والألوان
. المترسبة على الأسطح الخارجية 28
وهذا ما أثبتته دراسة طبية عام 1980 على 887 شخصا يستخدمون السواك ، فكانت
النتيجة أن 83.7 % منهم لا يعانون من فقد أسنام ، وكانت نسبة التسوس في الأسنان
قليلة ، وقد قامت إحدى شركات الأدوية في سويسرا بعد إجراء الأبحاث اللازمة
26 الصاوي ، من إعجاز القرآن والسنة .
190 ، ملخصة عن رسالة السواك للصيدلي الكيماوي صلاح الدين - 184 / 27 النسيمي ، الطب النبوي 1
الحنفي .
28 الشمري ، الدكتور عبد الله ، السواك أجر وعلاج ، الة العربية ، مارس 1985 ، نقلا عن محمد كامل ،
. الإعجاز العلمي في الإسلام 19
باستخلاص المادة الفعالة من السواك وتصنيعها بشكل معجون للأسنان ، وقد طرحت في
. الأسواق منذ اية الثمانينيات 29
6. وبعد كل هذه الفوائد فإن للسواك ميزة عملية لا تكاد تتوفر في غيره ، وهي أنه
يمكن حمله في الجيب ، واستعماله بسهولة في أي مكان دون الحاجة إلى معجون ، فإن
السواك هو الفرشاة وهو المعجون ، ولا يحتاج الشخص بعد استعماله إلى المضمضة بالماء
كما في حالة استعمال الفرشاة والمعجون ، وبذلك يستطيع الشخص استعماله كل
ساعة أو أقل أينما كان ، وهي ميزة في غاية الأهمية ، فيكون المسلم بذلك جامعا بين
الفوائد الصحية والأجر الديني .
يأتي هذا الحديث في عصر كان فيه الرومان - على سبيل المثال - ينظفون أسنام
وأفواههم بالتمضمض بالبول !! وكانوا يفضلون البول الإنساني ، فإن لم يتيسر استخدموا
. بول الثيران ، وقد استمرت هذه العادة في أوروبا حتى القرن السادس عشر الميلادي 30
الاستيقاظ باكرا :
قال : يعقد الشيطان على قافية رأس ρ عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله
أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد يضرب كل عقدة عليك ليل طويل فارقد فإن استيقظ
فذكر الله انحلت عقدة فإن توضأ انحلت عقدة فإن صلى انحلت عقدة فأصبح نشيطا
. طيب النفس وإلا أصبح خبيث النفس كسلان 31
يبين هذا الحديث أهمية الاستيقاظ الباكر ثم الوضوء والصلاة ، وقد تبين أن ذلك
يعيد الدورة الدموية والتنفس إلى نشاطهما ، وذلك من خلال حركة الوضوء وما فيه من
غسل وتدليك ، ومن خلال حركات الصلاة من وقوف وركوع وسجود وقعود ووض
، وبالتلاوة والتسبيح والدعاء ، إضافة إلى الأثر النفسي الطيب الذي يحظى به الإنسان بعد
أداء الصلاة وشعوره بلذة التقرب إلى الله ، وهذا كله كان يدركه المسلمون السابقون .
. 29 محمد كامل ، الإعجاز العلمي في الإسلام 20
. 30 الشطي ، الدكتور شوكت ، رسالة في تاريخ الطب ، نقلا عن القضاة ، تفوق الطب 15
. 31 البخاري ، الصحيح ، كتاب الجمعة ، رقم 1142
ولكن الجديد في الموضوع هو ما كشف عنه العلم الحديث من أن الاستيقاظ باكرا
والخروج إلى صلاة الفجر يجعل الإنسان يكتسب من هواء الفجر النقي الغني بغاز الأوزون
، وهو غاز ناتج عن تكاثف ثلاث ذرات من الأوكسجين ، ويعتبر من المطهرات إذ يقوم
بتعقيم الجو وما لامسه ، ومن المعلوم أن إحدى طرق تعقيم المياه في مصافيها هو غاز
الأوزون ، كما أن للأوزون تأثير مفيد للجهاز العصبي والمشاعر النفسية العميقة والنشاط
العضلي والفكري ، وأكثر ما يكون الجو الأرضي غنيا ذا الغاز هو وقت الفجر ثم يبدأ
. بالانخفاض حتى يتلاشى مع طلوع الشمس 32
الحبة السوداء
يقول إن هذه الحبة السوداء شفاء من ρ عن عائشة رضي الله عنها أا سمعت النبي
. كل داء إلا من السام قلت وما السام قال الموت 33
أما علميا فهذا بعض ما أثبتته الأبحاث العلمية :
علاج حالات الربو القصبي والسعال والترلات الشعبية 34

بوركت وسلمت تلك الأيادي المبدعة
على المجهود الرائع والكبير
ولا حرمنا تلك البصمة الساحرة

والعطاء المبهر

جــزآك الله خير على طرحك القيم و المفيد ..
والله يعطيك العافية ..ونفع بكـ
واثااابكـ جنة الفردوس بغير حساااب ولا سابقة عذاب
وجعله ربى فى ميزااان حسناااتك
امنياتي لك بدوام التألق والابداع
تحياتي لسموك