بقلم د. أحمد سامح
تجمع الدراسات والابحاث على ان العمل الليلي يزيد من احتمال الاصابة بالسرطان والتي أجريت في أكبر المؤسسات البحثية وأهم جامعات العالم.
وتعزو هذه الابحاث وتلك الدراسات ذلك إلى
انخفاض مستوى هرمون الميلاتونين الذي يوفر الحماية للحمض النووي «DNA» بحمايته من التلف الذي تحدثه الشوارد الحرة «Free radicals» التي تنتج عن احتراق وتمثيل المواد الدهنية في الجسم وتصل ايضا إلى الاجسام والاجهزة والانسجة والخلايا عن طريق التلوث سواء كان بواسطة الجلد او التنفس او الطعام او الشراب.
وعندما يزداد هرمون الميلاتونين يقل مستوى هرمون الاستروجين والعكس صحيح فعندما يقل مستوى الميلاتونين تزداد مستويات هرمون الاستروجين وبذلك فإن النساء والرجال يكونون معرضين لخطورة الاصابة بالسرطان.
واثناء الدراسة والبحث والترجمة للشوارد الحرة وخطورتها وجدنا ان هرمون الميلاتونين يفرز ايضا من الامعاء وليس فقط من الغدة الصنوبرية «Pineal gland» التي تقع في وسط المخ التي يتأثر افرازها للميلاتونين بالضوء ونور الشمس والنهار، حيث يقل افرازه بينما يزداد افرازه اثناء الليل والعتمة.
لكن هرمون الميلاتونين الذي يفرز من الامعاء بصفة مستمرة لايتأثر بالضوء والظلام لكن يزداد افرازه ويتحسن انتاجه بالتقليل من السعرات الحرارية والجوع والاقلال من الطعام وتنظيم المواعيد بين الوجبات.
وتحسن افراز هرمون الميلاتونين من الامعاء يوفر الحماية من الاصابة بالسرطان ويقوي المناعة في كل من الرجال والنساء ويؤخر مظاهر الشيخوخة ويحمي الشرايين من التصلب والمفاصل من الخشونة.
كما ان زيادة الميلاتونين تقلل من افراز الهرمونات الجنسية ويتضح من ذلك ان الصوم يشذّب الشهوة الجنسية ويثبت الاعجاز العلمي في حديث الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في حديثه الشريف «يامعشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء».
وكذلك ثبت الاعجاز العلمي للحديث الشريف «صوموا تصحوا» استنادا لاحدث الابحاث العلمية بعد اربعة عشر قرنا من بعثة الرسول الكريم.
ثبت بعد الاطلاع على احدث الابحاث العلمية والدراسات الطبية ان الصوم يقوي المناعة ويحمي من السرطان ويمنع تصلب الشرايين والاصابة بجلطات القلب والسكتات الدماغية ويؤخر مظاهر الشيخوخة.
دراسات كان ينقصها البرهان العلمي
في دراسة اجريت لبحث تأثير الصيام على جهاز المناعة خلصت نتيجتها إلى ان الصيام يحسن عمل جهاز المناعة في الانسان.
لكن البرهان العلمي والآلية التي يتحسن بها عمل جهاز المناعة لم يستدل عليها وقتها لان هذه الدراسة اجريت منذ اكثر من حوالي ثلاثين عاما ووقتها لم يكن علم الكيمياء الحيوية وعلم الخلية وعلم الفسيولوجي قد اكتشفوا اسرار الشوارد الحرة «Free Radicals» التي تفسر كيف تصاب الخلايا وأغشيتها ونواتها بالتلف بفعل هذه الشوارد الحرة.
وفي حينه لم تكن مضادات الاكسدة «Anti Oxidant» تعرف اهميتها في حماية جسم الإنسان وخلاياه من اضرار الشوارد الحرة ووقاية الحمض النووي DNA من التلف بحماية الخلايا ونواتها من تلف الشوارد الحرة الذي يسبب الامراض والاورام والسرطانات، أي ان الدليل والبراهين العلمية لفائدة الصوم في تقوية جهاز المناعة لم تكن متوافرة في الدراسات التي قام بها الدكتور اسامة قنديل والدكتور أحمد القاضي من «معهد الطب الإسلامي للتعليم والبحوث» في ولاية فلوريدا بالولايات المتحدة. فقد قام هذان الباحثان بدراسة نسبة الخلايا القاتلة وهي نوع من كريات الدم البيضاء متخصصة في قتل الخلايا التي تغزو الجسم والخلايا الشاذة التي تتكون يوميا بالمئات في جسم الإنسان قبل شهر رمضان وفي نهايته.
وقد لوحظ تحسن واضح في وظائف هذه الخلايا الطبيعية القاتلة أي قدرتها على قتل خلايا شاذة «خلايا السرطان» في المختبر عند الصائمين كما انها تلعب دورا رئيسيا في تخليص الجسم من العدوى بالجراثيم والفيروسات وان ارتفاع نسبة هذه الخلايا يعتبر مؤشرا مهما على قوة مناعة جسم الإنسان.
إنجاز «الراي» الصحي
استنتج الباحثون ان هناك علامات تدل على تحسن في نشاط جهاز المناعة عند الصائم وهذا بلاشك رحمة وفضل من رب العالمين.
و «الراي» الصحي وجدت البرهان العلمي والدليل الطبي على ذلك من خلال الاطلاع على ابحاث الشوارد الحرة ومضادات الاكسدة في علم الكيمياء الحيوية وعلم الخلية وعلم الفسيولوجي «علم وظائف الاعضاء». فمن المعروف ان هرمون الميلاتونين يفرز من الغدة الصنوبرية التي تقع في وسط المخ ويتأثر افرازه بالضوء ونور النهار وكذلك بالعتمة والليل، فيزداد افرازه اثناء الليل وتقل مستوياته خلال النهار.
فقد وجدنا انه يفرز ايضا من الامعاء في القناة الهضمية ويتأثر افرازه ويتحسن بالاقلال من السعرات الحرارية وكمية الطعام وتنظيم مواعيد الوجبات... أي بالصوم. وعندما يزداد افراز الميلاتونين الذي يفرز من الامعاء بالصوم فان ذلك يوفر الحماية من خطورة الشوارد الحرة الناتجة من تفاعل ايض الطعام خصوصا الاطعمة الدسمة أو تلك التي تصل إلى الجسم عن طريق التلوث.
فالميلاتونين مضاد قوي للاكسدة ويوفر الحماية لغشاء الخلية من التلف ويمنع دخول المواد السامة الناتجة من التفاعلات الايضية «Metalolic» التي حينما تدخل إلى الخلية تتلف مكوناتها وتتلف الحمض النووي «DNA» داخل النواة.
وقد تكون هذه الخلايا هي المبطنة لجدار الشرايين فتتلفها ويحدث تصلب الشرايين أو خلايا عصبية أو خلايا العضلات والمفاصل وغيرها فتحدث الاصابة بالامراض أو بسبب الانقسام الشاذ للخلايا تنشأ الاورام والسرطانات. كذلك من اضرار تلف الخلايا واغشيتها ونواتها الاصابة بالشيخوخة المبكرة.
الدوام الليلي خطر على الصحة
دكثر عرضة للاصابة بسرطان البروستاتا عن غيرهم الذين يعملون نهارا بنسبة طفيفة.
وكشفت دراسة علمية نرويجية ان مناوبة العمل الليل لدى النساء تزيد من خطر الاصابة بمرض السرطان خصوصا سرطان الثدي.
ويرجع العلماء اليابانيون زيادة احتمال اصابة الرجال بسرطان البروستاتا بسبب الدوام المسائي إلى نقص في افراز هرمون الميلاتونين الذي يقل افرازه عند التعرض للضوء اثناء العمل الليلي.
وهرمون الميلاتونين يزداد افرازه اثناء الظلام والعتمة.
في الليل ويقل افرازه اثناء النهار والتعرض لنور الشمس والاضواء اثناء الليل في الدوامات المسائية.
ويفرز هرمون الميلاتونين من الغدة الصنوبرية التي تقع في وسط المخ، وكما ذكرنا يتأثر افرازه بالضوء والظلام. ويفرز ايضا من الامعاء ويتحسن افرازه بالاقلال من تناول السعرات الحرارية خصوصا الاطعمة الدسمة وتنظيم مواعيد وجبات الطعام وبذلك يزداد افرازه عند الصوم.
الصوم يزيد افراز الميلاتونين
بالبحث والدراسة وترجمة ابحاث طب الشوارد الحرة المعروفة بـ Free Radicals ومضادات الاكسدة وجدنا ان الميلاتونين لا يفرز فقط من الغدة الصنوبرية التي تقع في وسط المخ والذي يتأثر بالضوء ونور النهار فيقل افرازه ويتأثر ايضا بالظلام والليل والعتمة ويزداد افرازه.
وبالبحث والدراسة وجدنا انه يفرز من الامعاء في القناة الهضمية ويتحسن بالجوع والاقلال من السعرات الحرارية وتنظيم مواعيد وجبات الطعام أي بالصوم.
ويفرز النوع المعوي بشكل ثابت من الامعاء بعيدا عن الدورة السركادية ودورة الليل والنهار. فهو يشكل القاعدة الاساسية للمستوى الثابت لهذا الهرمون وعندما يزداد هرمون الميلاتونين تقل خطورة الشوارد الحرة التي تتلف الحمض النووي DNA فتحمي الخلايا من الانقسام الشاذ والذي يؤدي إلى تكون الاورام والسرطانات.
كذلك عندما يزداد هرمون الميلاتونين تقل الهرمونات الجنسية التي يتسبب ارتفاعها في الاصابة بسرطانات الثدي والرحم والبروستاتا.
الصوم يحمي DNA
من المعروف طبيا ان السهر والنوم المتأخر والتعرض للاضواء القوية في المنازل واماكن العمل أو الحرمان من النوم الجيد اثناء الليل يقلل من افراز الميلاتونين من الغدة الصنوبرية. وهرمون الميلاتونين الذي ينتج اثناء النوم ليلا يلعب دورا مهما في دورة الحياة اليومية وتعاقب النوم واليقظة وهذا الهرمون يعمل على منع تلف الحمض النووي DNA الذي يحمل الجينات الوراثية بفعل الشوارد الحرة التي تتلف غشاء الخلية فتدخل السموم و الشوارد الحرة داخل الخلية وتصل إلى النواة وبداخلها الحمض النووي فتنقسم انقساما شاذا فتنشأ الاورام والسرطانات.
ويعمل هذا الهرمون الميلاتونين على بطء إنتاج هرمون الاستروجين فيمنع نمو الاورام في الثدي والرحم. وهذا هو التفسير العلمي بأن العمل في المناوبات الليلية للنساء يعرضهن للاصابة بالسرطان اكثر من نظيراتهن اللاتي يعملن في ساعات العمل العادية في الدوام الصباحي.
تحسن الحالة الصحية لكبار السن
لاحظ العلماء والباحثون ان الفأر الصغير الذي نقلت اليه غدة صنوبرية PINEAL GLAND التي تفرز هرمون الميلاتونين وتقع في وسط المخ مأخوذة من «فأر جد» بدأت تظهر عليه علامات الكبر ففقد لمعان شعره وبريق عينيه وأصبحت حركته بطيئة وضمرت عضلاته وانكمش حجمه. اما الفأر الجد الذي نقلت اليه غدة «الحفيد» الصنوبرية فقد استعاد بعد فترة قصيرة لمعانا ملحوظا في شعره وبريقا في عينيه وبدأت بعض عضلاته في النمو وخفت حركته خصوصا في مطاردة الاناث من الفئران وقد عاش الفأر الجد بعد نقل الغدة الصنوبرية اليه من الفأر الحفيد ضعف عمر الفأر الصغير.
ومن المعروف طبيا ان هرمون الميلاتونين ينخفض انتاجه مع تقدم العمر من الغدة الصنوبرية التي تصاب بالتكلس.
وبعد دراسة وبحث في «الراي» الصحي وجدنا ان هرمون الميلاتونين الذي يفرز من الامعاء يتحسن افرازه بالصوم وبذلك يكون للصوم دور كبير في مكافحة مظاهر الشيخوخة المبكرة ويمنح كبار السن النشاط والحيوية وتحسين حالتهم الصحية.
الصوم يشذب الشهوة الجنسية بالبحث والدراسة في مختلف علوم الطب عن كيفية تهذيب الصوم للشهوة الجنسية كما جاء في الحديث الشريف «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج وإن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء»، ونقدم تفسيرا واثباتا علميا على الاعجاز العلمي للحديث الشريف.
كيف يشذّب الصوم الشهوة الجنسية؟
فالصوم له علاقة مهمة بتكوين هرمون الميلاتونين الذي يتكون في الليل بواسطة الغدة الصنوبرية التي تقع في وسط المخ ويقل افرازه مع ضوء النهار وشروق الشمس.
واطلعنا أثناء البحث في الإعداد لدراسات شهر رمضان المبارك ان هرمون الميلاتونين يفرز ايضا من الأمعاء ولا يتأثر بالظلام والليل ولا بالضوء والنهار وهو ثابت نسبيا ويتحسن انتاجه ويزداد افرازه مع الحد من السعرات الحرارية والجوع أي بالصيام وعندما يرتفع مستوى هذا الهرمون يقل افراز الهرمونات الجنسية فيعمل على تشذب الشهوة الجنسية.
وبناء على ذلك فإن شمس الجزيرة العربية المشرقة طوال ساعات النهار «عكس طقس دول شمال أوروبا» تعمل على اقلال هرمون الميلاتونين فيزداد افراز الهرمون الجنسية وهذا سر البلوغ المبكر عند العرب وسر خصوبة وفحولة العرب.
اطفئوا السراج ليلا
نقص هرمون الميلاتونين يرتبط بزيادة الهرمونات الجنسية والتناسلية التي تلعب دورا في تنظيم انسجة البروستاتا.
وفي الظروف العادية ينخفض هرمون الميلاتونين صباحا ويزداد في المساء والليل بعد حلول الظلام وتبلغ ذروته في منتصف الليل.
هذه الدراسات التي تظهر ازدياد حالات السرطان بين الرجال والنساء بسبب السهر والدوام الليلي والاضاءة القوية في المنازل واماكن العمل والاسواق التي هي من نتائج التقدم الحضاري والحياة العصرية ولكنها تخفض افراز الميلاتونين وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال «اطفئوا السراج ليلا».
الميلاتونين يكافح الشيخوخة
ويمنح الشباب المتجدد
هرمون الميلاتونين لا تقتصر وظيفته الحيوية على تنظيم دورة النوم واليقظة ولكنه محرض ومنشط لجهاز المناعة وصون أعضاء الجسم وحيويتها وتنشيط تكوين الخلايا ويساهم هذا الهرمون في الحماية من أضرار وخطورة الشوارد الحرة وعملية الأكسدة التي تتم في خلايا الجسم المختلفة «الأعصاب والمخ والشرايين والجلد والمفاصل والعضلات...».
ولقد ثبت ان هرمون الميلاتونين يُمنع نظريا ويؤخر فعليا أمراضا عدة مثل مرض الزهايمر «الخرف» ويمنع حدوث الأكسدة في جميع خلايا الجسم التي تسبب تصلب جدران الشرايين والضيق وانسدادها ومنها شرايين القلب التاجية فتحدث الذبحة الصدرية والأزمات القلبية واحتشار القلب وكذلك شرايين المخ «الدماغ» فتحدث السكتات الدماغية والشلل النصفي.
كذلك تضعف الشوارد الحرة جهاز المناعة ويصبح الإنسان معرضا للاصابة بالأمراض المعدية وتكون الأورام ونشوء السرطانات.
وكلما تقدم العمر بالإنسان انخفض مستوى انتاج هرمون الميلاتونين فتظهر عليه علامات تقدم العمر وعلامات الشيخوخة.
والأبحاث العلمية أثبتت ان هرمون الميلاتونين هو المسؤول عن الحفاظ على حيوية أعضاء الجسم وتجديد الخلايا وتنشيطها والشيء المفرح ان نتائج هذه الأبحاث كانت مذهلة للجميع .