قال الله تعالى : " إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا "(النساء :56)
يعتبر جلد الأنسان أهابا يلف جسمه ، ويحمى خلاياه وأنسجته وأعضاءه الداخلية، ويعطي لكل فرد منا شكله ولونه. يعتمد أحساس الانسان بالوسط الخارجي على عدد من الوسائط أهمها الجلد وما ينتشر بها من نهايات عصبية تتصل بمركز خاص في المخ. فالجلد تنتشر به شبكة مكثفة من الاعصاب ، والخيوط والنهايات العصبية المتشبعة بدقة بالغة في مختلف الاجزاء الأدمة، وتستمر الى حد ما في البشرة . وهذه الاعصاب والخيوط ، ونهاياتها تنقل الى كل من الحبل الشوكي ، وجذع المخ وقشرته كل مسببات الألم من الضغوط ، والاهتزازات ، والالتهابات، والاحتكاكات والتباين في درجات الحرارة ، وغيرها من المستقبلات الحسية التى تولد أشارة عصبية تصل فورا الى المخ . ومركز الاستقبال الحسي تنتشر بكثافة على الجلد وتتركز في أجزاء خاصه منه . وقد ثبت بالدراسة أن السنتميتر مربع الواحد من الجلد يحوي مستقبلين للحرارة ، وأثنى عشر مستقبلا للبرودة ، وخمسين مستقبلا للضغط، ومائتين مستقبل للالم . فاذا زادت درجة الحرارة على 45 درجة مئوية فان مستقبلات الحرارة تتحول الى مستقبلات للألم بدلا من الشعور بالدف، وبذلك يتضاعف الالم مع الاحتراق أضعاف كثيرة .
وومضة الاعجاز في الاية الكريمة حين يقول ربنا تبارك وتعالى في محكم كتابه:
" أن الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم نارا كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب ان الله كان عزيزا حكيما " (النساء :56)
وهذه الاية الكريمة تؤكد أن أحساس الانسان بالالم يتركز في الجلد ، وانه اذا اتزع الجلد فقد الانسان الاحساس بالالم .
وهذه الحقيقة العلمية لم يدركها الاطباء الا في اثناء الحرب العالمي الثانية ( 1954- 1939) حين لاحظوا أن الجنود الذي قد أصيبوا بأصابات بالغة اثناء القتال أدت الى تهتك الجلد لم يشعروا بالإلام الا لحظة الاصابة ، ولكن بعد تهتك انسجة الجلد زال الألم فعلا واستنتجوا أن ذلك لا بد أنه قد تم بموت الاعصاب المتركزه في الجلد حيث يتركز جسيمات الاحساس بالالم فية ، ولا توجد في غيره من أجزاء الجسم . وقد سبق القران الكريم بالاشارة الى ذلك فقال ربنا تبارك وتعالى :"...بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب..." (النساء :56)
ثم يأتي العلم في أواخر القرن العشرين ليؤكد ما جاء به هذا الكتاب من ألف وأربعمائة قرن .
مصدر الموضوع :تفسير الآيات الكونية في القرآن الكريم\ الجزء الأول \د. زغلول النجار\ مكتبة الشروق الدولية \ص165-169