لقد رسمت لنا معالم قصة الافك الأولى ، كما بينها ربنا سبحانه وتعالى في القرآن الكريم المنهج السوي للتعامل مع مثل هذه الحوادث .
إن المتطلع للخيرية التي ذكرها الله جل جلاله في معرض الحديث عن قصة الإفك :
{إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ }النور11،
في كلام أهل التفسير يتقين مدى ما حظيت به الصديقة بنت الصديق رضي الله عنها من الشرف في الدنيا والآخرة .
ومما ذكر أهل التفسير في معنى هذه الخيرية – فيما استطعت أن اجمعه - :
1. إظهار كرامة و اعتناء الله بعائشة أم المؤمنين رضي الله عنها ، حيث أنزل الله تعالى براءتها في القرآن العظيم الذي { لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ } [فصلت : 42] ، بآيات تتلى إلى يوم القيامة ، يتلوها من لا يحصى من العباد في جميع البلاد.
2. الأجر العظيم المترتب على صبرها على هذا الابتلاء الكبيرفالخير حقيقته: ما زاد نفعه على ضره.
والشر: ما زاد ضره على نفعه.
وإن خيرا لا شر فيه هو الجنة.
وشرا لا خير فيه هو جهنم.
فأما البلاء النازل على الأولياء فهو خير، لان ضرره من الألم قليل في الدنيا، وخيره هو الثواب الكثير في الأخرى .
فنبه الله تعالى عائشة وأهلها وصفوان رضوان الله عليهم ، إذ الخطاب لهم في قوله: " لَا تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ "، لرجحان النفع والخير على جانب الشر.
3. رفعة منزلتها رضي الله عنها في الآخرة .
4. التأكيد على صدقها رضي الله عنها .
5. ووصفها رضي الله عنها بالطيبة ( َالطَّيِّبَاتُ للطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ )
6. انكشاف كذب القاذفين ، وبيان حقيقة من تولى كبره .
7. الفخر المترتب على براءة العرض .
8. تشديد الوعيد على من تكلم في هذه الحادثة بمقالة السوء (ِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) .
9. الذم المستمر لمن وقع في عرض أم المؤمنين رضي الله عنها من المنافقين في قرآن يتلى إلى يوم القيامة .
10.الثناء من الله على من لزم الظن الحسن في هذه الحادثة {لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْراً وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ }.
11. تسلية الرسول صلى الله عليه وسلم والربط على قلبه .
12 تسلية الصديقة رضي الله عنها ووالديها وأسرتها رضي الله عنهم .
13. ثبوت إعجاز القرآن بعد إعجازه بالبلاغة بصدقه في صيانة من أثنى عليها في ذلك الدهر الطويل ، الذي عاشته مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعده إلى أن ماتت رضي الله تعالى عنها أتقى الناس ديانة ، وأظهرهم صيانة ، وأنقاهم عرضاً ، وأطهرهم نفساً ، فهو لسان صدق في الدنيا ، ورفعة منازل في الآخرة 14.رفعة درجة صفوان رضي الله عنه وتسليته .
15. تسلية المؤمنين بإزالة ما حصل في نفوسهم من الأسف من اجتراء عصبة على هذا البهتان الذي اشتملت عليه القصة .
16. الحادثة كشفت عن الكائدين للإسلام في شخص رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهل بيته رضوان الله عليهم.
17. وكشفت عن ضرورة تحريم القذف وأخذ القاذفين بالحد الذي فرضه الله
{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ }النور4
18. بيان المنهج القويم في كيفية التعامل مع مثل هذه الأحدث العظيمة من حفظ اللسان وحسن الظن .هذا ما تيسر جمعه ، من جملة من كتب التفسير كان من أهمها :
1. تفسير الطبري .2. تفسير ابن كثير .3. تفسير البغوي .4. تفسير القرطبي .5. تفسير الألوسي .6. تفسير البحر المحيط .7. الدر المنثور للسيوطي .8. نظم الدرر للبقاعي .9. تفسير الرازي .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد