العذر لا يقوم إلا لقصور في المعتذر .. بأن يقول إن جنى : (ما علمت )..أو
تقاعد عن حق : (لم أعلم بتوجهه عليّ)..أو (علمت لكن ما استطعت)..
قال هذا القائل : (وأرى الرزق عني كالمتقاعس..والحظ في حقي وسنان أو
ناعس..والدنيا والآخرة نُعْماً..وأنا وأمثالي نتدبق قوماً..والمالك يقول : (وإن من
شيء إلا عندنا خزائنه )..و يقول : (وله كل شيء)..فإذا سدّ باب العذر ببيان
قدرته وغنائه وسلطانه..لم يبق عندي إلا السخط يمنعني..فكيف أداوي هذا
الداء العضال في إزالة السخط عن مانعي مع الغناء والكمال ؟
قال حنبلي : قد دخل عليك السهو عن قسم هو الدواء لمثل هذا الداء..فظننتَ
أنه لا يقوم العذر إلا بالعجز من جهة المانع..ونسيتَ أنّ أجدّ ما يقوم به العذر
الحكمة البالغة التي هي عائدة بالمنع لمكان إصلاح الممنوع ..ألا تراه لو أفصح
بالقول بذلك فقال : (ما منعتُك عن إعواز منّي..لكن لمصلحة لك )..فإن فات
القصور في المانع لم يفت القصور في الممنوع..كالأب الغني يمنع ولده
الحلوى والزهزمات تطبُّباً فلا يلام..و الأب الفقير يمنع فلا يلام..فيجتمعان في
عدم اللوم ..ويختلفان في العلة التي لأجلها قام العذر..فمن هذه الغلطات
يُدهى الناس..
والخليع العامّي لسرعة جرأته على الله وقلة مبالاته..يتسخّط لمكان أنه لم
يلحظ إلا الغناء والمنع..والقدرة والمنع..فجعل أوصاف الله عز وجل عللاً
لتسخُّطه..ولم يتعرض للوصف الأعظم ..وهو الحكمة..ليداوي سخطه أو يعدمه..
وصفة المداواة أنه إذا سولت له النفس أنه ممنوع من الغناء فما العذر..قال لها:
(هو حكيم في منعه لي فمن أين يجيء الإعتراض مني واللوم ؟)
هذا هو قانون العقلاء المتمسّكين بالأديان..إذا صح منهم العرفان..فهو بوصف
الغناء أهل لئن يُطلبَ منه كل شيء..وبوصف الحكمة أهل لئن يُسلَّم له كل
شيء .
(فنون ابن عقيل الحنبلي)
اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الاحياء منهم والاموات
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم
واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين
منتدى انور ابو البصل الاسلامي
https://anwarbasal.yoo7.com/