بدعة الاحتفال بالاسراء والمعراج
بقلم وتجميع / سلوى المغربي
المتأمل في الأمور الشرعية والأحكام الفقهية يجدها بنيت على أساس صحيح السنة وكامل الدين .
ولا يوجد في ديننا بحمد الله تحريف أو نقص أو زيادة ولا يوجد شيء نقول عنه ليته كان كذا أو كان كذا .
فبموت الرسول صلى الله عليه وسلم إكتمل الدين ولله الحمد والمنة .
وللأسف هناك فئة إما حرصا منها على الخير وإما جهلا أضافت للأحكام الدينية والشعائر الإسلامية مظاهر مختلفة في طريقة تعبدها عما هو صحيح فابتدعوا أمور ما أنزل الله بها من سلطان ونسوا قول الله عز وجل :
الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِيناً } [المائدة:3]
وقوله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ } [النساء:59]،
ونهانا الرسول صلى الله عليه وسلم عن المحدثات في الأمور :
ما ثبت في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد))
وفي رواية لمسلم : ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)).
وروى الترمذي وصححه, وابن ماجه, وابن حبان في صحيحه عن العرباض بن سارية قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إياكم ومحدثات الأمور, فإن كل محدثة ضلالة... )).
والرد إلى الله هو الرد إلى كتابه, والرد إلى الرسول هو الرجوع إليه في حياته, وإلى سنته بعد موته .
وقوله تعالى : { قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ } [آل عمران:31],
وتغافلوا عن الوعيد الذي يتوعده الله لمن يخالف أمره
قال تعالى : { فَلْيَحْذَرْ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } [النور:63].
وأمرنا الرسول صلى الله عليه وسلم بحسن الاتباع والرجوع والتحاكم إلى كتاب الله وسنته فلا نضل بعده أبدا
ومن العجيب أن معظم من يحتفل بتلك المناسبات لا يعلمون أنها ليست في هذه الأوقات
وأن لها أزمنة مختلفة مثل احتفالهم بالهجرة في محرم
والهجرة تمت في ربيع الأول
وكذلك تخصيصهم الاحتفال بليلة القدر في ليلة السابع والعشرين من رمضان
وهي غير محددة الميعاد وتتنقل في كل عام من يوم إلى آخر
وأيضا يحتفلون بليلة الإسراء والمعراج في رجب
وقد اختلف العلماء على تحديدها أيضا وذكروا أنها كانت في شهر غير رجب اصلا وأنها هي الأخرى كانت في شهر ربيع
وقد اختلف العلماء في حادثة الإسراء والمعراج متى كانت؟ فاختلفوا في أي سنة كانت؟
فقيل: قبل الهجرة بسنة، وجرى عليه الإمام النووي ،
وقال القاضي : قبل الهجرة بخمس سنين.
واختلفوا في أي الشهور كانت، فجزم ابن الأثير وجمع منهم النووي بأنها كانت في ربيع الأول،
قال النووي : ليلة سبع وعشرين من شهر ربيع الأول ، وعلى هذا جمع من العلماء،
وقيل : كانت في رجب. وقيل: في رمضان. وقيل: في شوال
ومن البدع المنتشرة في هذه الأيام ــ بهذه المناسبة ــ
ما يعتقده الناس من تخصيص شهر رجب بعبادة معينة من صوم
أو تحديد يوم معين لطقوس وعبادات معينة بدعوى أن ذلك كان يوم الإسراء والمعراج
وهذا التحديد لا دليل عليه من كتاب الله تعالى ولا من سنة رسوله صلى الله عليه وسلم .
حكم الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج
قال الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله :
" لا ريب أن الإسراء والمعراج من آيات الله العظيمة الدالة على صدق رسوله محمد صلى الله عليه وسلم ،
وعلى عظم منزلته عند الله عز وجل ،كما أنها من الدلائل على قدرة الله الباهرة ،
وعلى علوه سبحانه وتعالى على جميع خلقه .
وتواتر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه عرج به إلى السماوات ،
وفتحت له أبوابها حتى جاوز السماء السابعة ، فكلمه ربه سبحانه بما أراد ،
وفرض عليه الصلوات الخمس ، وكان الله سبحانه فرضها أولا خمسين صلاة ،
فلم يزل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم يراجعه ويسأله التخفيف ، حتى جعلها خمسا ،
فهي خمس في الفرض ، وخمسون في الأجر , لأن الحسنة بعشر أمثالها ، فلله الحمد والشكر على جميع نعمه .
ورغم كل هذا الفضل العظيم لم يجز للمسلمين أن يخصوها بشيء من العبادات، ولم يجز لهم أن يحتفلوا بها ,
لأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم لم يحتفلوا بها,
ولم يخصوها بشيء, ولو كان الاحتفال بها أمرًا مشروعًا لبينه الرسول صلى الله عليه وسلم للأمة إما بالقول أو الفعل
ولو وقع شيء من ذلك لعرف واشتهر, ولنقله الصحابة رضي الله عنهم إلينا
فقد نقلوا عن نبيهم صلى الله عليه وسلم كل شيء تحتاجه الأمة,
ولم يفرطوا في شيء من الدين, بل هم السابقون إلى كل خير
فلو كان الاحتفال بهذه الليلة مشروعًا لكانوا أسبق الناس إليه,
والنبي صلى الله عليه وسلم هو أنصح الناس للناس, وقد بلَّغ الرسالة غاية البلاغ,
وأدى الأمانة, فلو كان تعظيم هذه الليلة والاحتفال بها من دين الإسلام لم يغفله النبي صلى الله عليه وسلم ولم يكتمه
فلما لم يقع شيء من ذلك علم أن الاحتفال بها وتعظيمها ليسا من الإسلام في شيء,
وقد أكمل الله لهذه الأمة دينها, وأتم عليها النعمة, وأنكر على من شرع في الدين ما لم يأذن به الله
قال سبحانه وتعالى في كتابه المبين من سورة المائدة :
{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِيناً} [المائدة:3]
وقال عز وجل في سورة الشورى :
{ أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنْ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ وَلَوْلا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } [الشورى:21]
وثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأحاديث الصحيحة التحذير من البدع,
والتصريح بأنها ضلالة تنبيها للأمة على عظم خطرها, وتنفيرًا لهم من اقترافها".
ثم أورد صلوات الله عليه وسلامه بعض الأحاديث الواردة في ذم البدع مثل :
قوله صلى الله عليه وسلم : (( أما بعد : فإن خير الحديث كتاب الله,
وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم,
وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة ))
وقوله صلى الله عليه وسلم : ((فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها,
وعضوا عليها بالنواجذ, وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة, وكل بدعة ضلالة)).
فما ذُكر من كلام العلماء وما استدلوا به من الآيات والأحاديث فيه الكفاية
ومقنع لمن يطلب الحق في إنكار هذه البدعة,
بدعة الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج وأنها ليست من دين الإسلام في شيء,
وإنما هي زيادة في الدين, وشرع لم يأذن به رب العالمين
وتشبه بأعداء الله من اليهود والنصارى والمشركين في زيادتهم في دينهم,
وابتداعهم فيه ما لم يأذن به اللهوأن لازمها التنقص للدين الإسلامي, واتهامه بعدم الكمال
ولا يخفى ما في ذلك من الفساد العظيم, والمنكر الشنيع, والمصادمة
لقوله تعالى : {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ}
والمخالفة الصريحة لأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم المحذرة من البدع.
ومما يؤسف له أن هذه البدعة قد فشت في كثير من الأمصار في العالم الإسلامي,
حتى ظنها بعض الناس من الدين, فنسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين جميعًا,
ويمنحهم الفقه في الدين, ويوفقنا وإياهم للتمسك بالحق, والثبات عليه, وترك ما خالفه,
إنه ولي ذلك والقادر عليه, وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
بدعة الاحتفال بالاسراء والمعراج
بقلم وتجميع / سلوى المغربي
تم التجميع من
إسلام أون لاين
فتاوى الشيخ بن باز رحمه الله