قد يقول لك قائل: أنا لست نبيّاً، فما الجواب، هذه دعوى معظم الناس، أخي أنا لست نبيّاً، ومن قال لك: إنك نبي؟ لا، لست نبيّاً، ولست صدّيقاً، و لست مؤمناً كبيراً، لكنك مسلم، فهل عندك دليل قطعي من كتاب الله على أنك مطالب تماماً أن تستقيم استقامة تامة؟ قال تعالى:
﴿ فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ ﴾
[ سورة هود: 112]
لذلك قال عليه الصلاة والسلام:
((شَيَّبَتْنِي هُودٌ وَالْوَاقِعَةُ وَالْمُرْسَلاتُ وَعَمَّ يَتَسَاءَلُونَ وَإِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ))
[الترمذي عن ابن عباس]
وما شيّبه في هذه السورة إلا هذه الآية:
﴿ فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ ﴾
[ سورة هود: 112]
وعندنا حديث يؤكد هذه الحقيقة، قال عليه الصلاة والسلام:
((إِنَّ اللَّهَ أمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ))
[الدارمي عن أبي هريرة]
لو فرضنا أنّ ملِكاً قاد سيارة فهذا له قواعد للقيادة، يجب أن يطبقها ملِكٌ وأصغرُ إنسان يقود سيارة، فهذه مبادئ السلامة. أمّا العمل الصالح فبحسب الإمكانيات، وبحسب الصدق، وبحسب الجود، وبحسب الشوق إلى الله هذا نسبي.
أكثر الناس يعتقدون بنسبية الاستقامة، يقال: أطع الله على قدر ما تستطيع، وكلمة عليك الطاعة قدر ما تستطيع، وحسب الميسور، هذا كلام هُراء، ويزيد القائلُ: واللهُ ما كلّفك فوق طاقتك، مرحلة مرحلة، الإنسان ما دام راغباً يبقى لديه ثغرات كبيرة في حياته، لكن هذه الثغرات كلها حُجُبٌ تحول بينه وبين الله جلّ وعلا، ولن يصل إلى الله سبحانه.