كل نقاط ضعف البشر الخَلْقي التي لا يدَ لك فيها، كلُّ نقاط الضعف هذه تتلافاها بالاتصال بالله عز وجل، فلذلك مَن لم تحدثه نفسه بحضور مجلس علم ليزداد معرفة بالله أو بكتابه، ودرس أسماء الله الحسنى الذي هو معرفة بالله، ودرس التفسير لينمِّيَ معرفة بكتاب الله، ودرس الحديث الشريف ليعرِّفك برسول الله، ودرس السيرة النبوية ليكون معرفة بالتطبيقات العملية، ودرس الفقه معرفة بالأحكام الشرعية التي ينبغي أن تدور مع حياتك، فما لم تخصص من وقتك وقتاً ثميناً لطلب العلم، ومتابعة مجالس العلم، لتزداد ثقافتك الدينية، وقناعاتك الفكرية، وترسخ عقيدتك الصحيحة، وأن تزداد وتغتني عندئذ ترى أن النقص في العلم سيسبب لك خللاً في السلوك، وهذا هو الجانب المعرفي.
والحقيقة أنّ بعض الجانب المعرفي يأتيك بالمدارسة، وبعضاً منه يأتيك بالتأمل، وبعضاً منه يأتيك بالنظر، قال تعالى:
﴿ قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ والْأَرض وَمَا تُغْنِي الْآَيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾
[ سورة يونس: 101]
جانب كبير من جوانب المعرفة يمكن أن تحصل عليه من وقوفك عند دقائق خلق السماوات والأرض، وأقرب شيء إليك جسمك الذي بين جوانحك، أقرب شيء إليك طعامك الذي تأكله، أقرب شيء إليك مَن حولك من أهل وأولاد، أقرب شيء إليك مظاهر الطبيعة التي أمامك، هذه كلها آيات دالة على عظمة الله عز وجل، فأنا أتمنى أن يفكر الإنسان كل يومٍ في آيات الله الدالة على عظمته، أو أن يشغل نفسه كلما سمحت له فرصة بأن يقف عند دقائق خلق الله جل وعلا.
ألا تتأثر إذا سمعت أن لديك عشرين مليون خلية عصبية شمية؟ كل خلية فيها سبعة أهداب مغموسة بمادة دهنية مذيبة، وأن أي رائحة تصل إلى أنفك تتفاعل مع هذه الأهداب بل مع المادة الدهنية التي على هذه الأهداب تفاعلاً كيماوياً يتشكل منه شكل هندسي يُنقل على شكل إشارة إلى مركز الشم في المخ، وفي مركز الشم في المخ عشرة آلاف بند من بنود المشمومات، وأن هذه الإشارة تشعرك برائحة هذا الشيء، ثم تنتقل إلى معرفة رائحة هذا الشيء، وأن المادة إذا كانت بمقدار نصف بالمليون من الملي غرام بالسنتمتر مكعب فإنها كافية لكي تحسِّسك برائحة هذا الشيء. ألا تشعر أنك وقفت وجهاً لوجه أمام عظمة الله عز وجل؟ ألا تشعر أنك عرفت دقة الصنع؟