هناك في الإسلام جانب معرفي، وجانب علمي، وجانب عقَدي. الناس كما ألاحظ فيهم الكثير ممَّن يعنيهم من الدين الصلاة، والصيام، والحج، والزكاة فقط، هؤلاء لو كانوا في عصور غير هذه العصور ربما يَصِلون إلى الجنة، لكن في عصر استعرت فيه الفتن واتَّقدت، واشرأبَّتْ بأعناقها، وكثرت المزالق، والشبهات، والترهات، واستشرت الأضاليل، والعقائد الزائغة، والباطل المزيف، والانحراف المروَّج، والتفلت من مبادئ الدين تحت غطاءٍ من الحرية، والعصرية، والتقدم، حتى ذرتْ بقرنيْها شبهات كثيرة وفتن مظلمة.
أؤكِّد لكم، وأنا أعني ما أقول، إنّه لا يستطيع أن ينجو الإنسان الآن في عصور الانحرافات الفكرية والسلوكية إلا بعلم صحيح، بعقيدة راسخة، بعلم متين، وبأدلة قاطعة.
إذاً يا أيها الأخوة الأكارم، حينما تنصرفون إلى الدنيا، حينما تتحركون، حينما تنطلقون إلى أعمالكم، فإذا شعرتم أنكم في غنًى عن طلب العلم، هذا النقص في العلم لا بدّ أنْ يُترجَم إلى انحرافٍ في السلوك، والانحراف في السلوك لا بدّ أن ينتهي بصاحبه إلى حجاب بينه وبين الله، وحينما يكون الحجاب بينك وبين الله فاعلم علم اليقين أنك فقدتَ كل ثمار الدين.
أساس الدين هذه العلاقة الوثقى الطيبة بينك وبين الله، وحينما تفقد هذه العلاقة بانحرافٍ أساسه الجهل فقد خسرتَ كل ثمرات الدين. وبالاتصال لن تشعرَ بخوف، قال تعالى:
﴿ إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً ﴾
[سورة المعارج: 19]
هكذا خُلِق، هذا ضعف خَلْقي، هكذا أراد الله عز وجل أن يكون هلوعاً قال تعالى:
﴿ إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً* إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً* وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً* إِلَّا الْمُصَلِّينَ﴾