دائماً ابحث عن ما الذي يدخل معك في قبرك؟ هنا بيت فخم بقي بالدنيا غادرته, زوجة رائعة غادرتها, مكانة اجتماعية غادرتها, أما الدعوة إلى الله فتذهب معك إلى الآخرة, تعلم العلم ذهب معك إلى الآخرة, أعمال صالحة ذهبت معك إلى الآخرة, هنا بطولة الإنسان, يعمل عملاً يذهب معه إلى الآخرة, أما كل مكتسبات الإنسان فتبقى في الدنيا, يغادرها وحده.
والله مرة دخلنا إلى تعزية في أحد أحياء دمشق الراقية, يقدر بيت المتوفى بمئة وخمسين مليون ليرة، صاحبه بمقبرة الباب الصغير, بعدما دفن, ما هذا الصالون؟ ما هذه الزخرفة؟ ما هذا الجبصين؟ ما هذه الثريات؟ ما هذا السجاد؟ بيت مساحته أربعمئة متر, مطل على حديقة, أثاثه قريب من نصف ثمن البيت, وصاحبه بالقبر.
هذه الدنيا, هناك خطأ كبير استراتيجي, عندما تضع كل مكتسباتك بالدنيا, هذا مثل مشهور: "لا تضع كل البيض في سلة واحدة".
فأهل الدنيا وضعوا كل البيض في سلة واحدة, فجأة غادروا الدنيا, غادروها صفر اليدين.
أنا أحب أن ألقي ضوءاً: الذي طلب العلم, وعلّم العلم, ومات, إنسان يشتهي الموت, أحياناً يشتهي الموت بهذا الشكل, ترك أثراً كبيراً, ترك شعوراً بالوفاء شديداً, هذه الدنيا, وهناك أناس يموتون, فيرتاح الناس منهم, هذا مستريح ومستراح منه.
الآن أحياناً تجد شخصاً يقرأ القرآن, مات, له تسجيلات بعد سنة, سنتين, ثلاثة, خمس سنوات, عشر سنوات, وهناك مغن يموت, المغني مات, والقارئ مات, لكن القارئ ينتفع الناس بقراءته إلى يوم القيامة, ويرقى بها, والذي غنى يزداد ندماً بعد موته إلى يوم القيامة, والحياة واضحة جداً.
هذا الحديث من أصول الأحاديث أيها الأخوة:
(( من سلك طريقا يلتمس فيه العلم سهل الله له إلى الجنة طريقاً، و ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتعاطون كتاب الله و يتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة –اطمئناناً- و حفتهم الملائكة – إلهاماً-, و غشيتهم الرحمة–عطاء-, و ذكرهم الله فيمن عنده – رفع الله ذكرهم وشأنهم–, و من أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه ))