...بسم الله الرحمن الرحيم
ومن
علامات قدرة الخالق جل وعلا وعظمته سبحانه وتعالى ما نلاحظه من هذا
الانسجام في الكون ونظامه البديع.. ونذكر ما يلي من الأمثلة على ذلك:
1) كل في فلك يسبحون :
كل
النجوم والكواكب والأقمار والمجرات تسير في أرجاء الكون وتتحرك بسرعات
رهيبة، إلا أنها مع ذلك لا ترتطم ببعضها ولا تصطدم رغم السرعة ورغم الأحجام
الضخمة ورغم عددها المهول الذي يبلغ مليارات المليارات من الأجرام
السماوية!! فمن الذي جعلها تتحرك ثم حفظها من الاصطدام بينها وهي البكماء
الصماء التي لا تعقل؟ إنه الله جلت قدرته!! يقول تعالى وَالمَنَشَّمْسُ
تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ
الْعَلِيم*وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ ازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ
الْقَدِيمِ*لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا
اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ) (يـس:
38-40).
2)السلسلة الغذائية :
تعيش الكائنات على الأرض في
سلسلة غذائية عجيبة: فالنباتات تتغذى من التربة، وبعض الحيوانات تتغذى من
تلك النباتات، وحيوانات أخرى تتغذى من تلك الحيوانات النباتية، والإنسان
يتغذى من النباتات ومن بعض الحيوانات، والتربة بعد ذلك تتغذى من بقايا
الحيوان والإنسان... وهكذا تستمر السلسلة في الدوران!! يقول تعالى:
(فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ * أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ
صَبًّا * ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا * فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا *
وَعِنَبًا وَقَضْبًا * وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا * وَحَدَائِقَ غُلْبًا *
وَفَاكِهَةً وَأَبًّا * مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ) (عبس: 24-32)
وهذا
النظام البديع المتسلسل يساهم في المحافظة على توازن البيئة.. ولو تخلفت
حلقة من الحلقات لانخرم نظام الطبيعة ولحصلت الكوارث والمجاعات.. لكن من
المؤسف أن يكون تدخل الإنسان العشوائي في الطبيعة أهم أسباب فقدان التوازن
البيئي.. يقول عزوجلظَهَرَالْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا
كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ)(الروم:41).
فانظر إلى آثار قدرة الله جل وعلا، وتأمل نعمه التي لا تحصى ولا تعد، واشكر الله
عليها بلزوم طاعته حتى تزيد النعم ولا تنقص!!.
تلك إذاً بعض الأمثلة من نظام الكون البديع وانسجامه تدلنا على عظمة الخالق جل وعلا وعلى قدرته وحكمته وعلمه الواسع..
بقاء الكون والحياة :
ومن دلائل عظمة الله عز وجل: بقاء الكون والحياة واستمرارهما على مدى آلاف السنين.. ومن مظاهر ذلك ما يلي:
1) تاريخ نشأة الكون :
خلق
الله الكون منذ مليارات السنوات، وهو طيلة كل هذا الزمان الممتد يسير
بنظام دقيق لا يضطرب، ويحافظ على بقائه واستمراريته بنفس الدقة والنظام:
فمن الذي يقوم على ذلك؟.. ومن الذي يرعى هذا الكون ويحفظ توازنه وتناسقه
طيلة تلك العصور العميقة في القدم وقبل أن يخلق الإنسان؟.. إنه الله جل
جلاله.. يقول تعالى: (مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ
وَلا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً)
(الكهف:51).
إن نشأة الكون الفسيح في عهود سحيقة من القدم وتواصل وجود
هذا الخلق العظيم وبتلك الدقة والنظام لدليل على قدرة الخالق عز وجل عظمته
وجلاله.. يقول تعالى: (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ
بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ
اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (العنكبوت:20).
2) ممسك السماوات :
وتلك
السماوات العلى.. المليئة بالنجوم والكواكب والأجرام.. من يحفظها من أن
تقع على الأرض وعلى الناس؟.. ومن الذي يمسكها وهي التي لا يوجد بينها وبين
الأرض سوى الهواء!!.. ومن الذي يمسكها وهي التي لا تقف على أعمدة خرصانية
لأو أي شيء ترتكز عليه مثلما تحتاجه الأبنية الإنسانية.. إنه الله القوي
المتين الحفيظ الرحيم بعباده.. يقول الله تعالى وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ
تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ
لَرَؤُوفٌ رَحِيمٌ)(الحج: 65).. ويقول أيضا: (اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ
السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ
وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى
يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ
تُوقِنُونَ (الرعد: 2).
3) إنبات الزرع :
الحبة فيها ويعود إلى بيته بعد ذلك وهو مطمئن إلى أن تلك الحبة ستنمو وتصير
زرعا.. ولن ينشغل باله أبدا بالآليات البيولوجية لتكاثر خلاياها أو نباتها
ونموها!!.. فليس ذلك قط من مهامه ولا مسؤولياته ولا حتى من انشغالاته!!..
فمهمته فقط الزرع ثم العودة إلى البيت.. أما الإنبات فقد تكفل به غيره!!..
فمن الذي
يقوم
على نموّها وإنباتها في غيبة الفلاّح؟.. إنه الله عز وجل: (أَفَرَأَيْتُمْ
مَا تَحْرُثُونَ * أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ *
لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ)(الواقعة