يقول عليه الصلاة والسلام:
((من سلك طريقاً))
[مسلم عن أبي هريرة]
كلمة من تعني اسم شرط جازم, من: لها فعل, ولها جواب أو جزاء, والترتيب الشرطي في حقيقته حدّ ثان, لا يقع الثاني إلا إذا وقع الأول, حدثان مترابطان لا يقع الثاني وهو سلوك طريق الجنة إلا إذا وقع الأول وهو سلوك طريق العلم, فلذلك: "إذا أردت الدنيا فعليك بالعلم, وإذا أردت الآخرة فعليك بالعلم, وإذا أردتهما معاً فعليك بالعلم، والعلم -كما قال الإمام الغزالي- لا يعطيك بعضه, إلا إذا أعطيته كلك".
الإنسان له نشاطات في اليوم, ينطلق إلى عمل, يكسب رزقاً, كي ينفق على أهله, ونفسه, وعياله, فكل شخص له مهنة, حرفة, وظيفة, تجارة, صيدلة, طوابق, هندسة, تعليم, هذه حرفة, وهي أحد أهم نشاطات الإنسان, لأنه من خلالها يكسب رزقه, ومن خلالها ينفق على أهله, وعلى نفسه, وعلى أولاده.
إذاً: ممارسة حرفة لكسب الرزق نشاط أساسي, الإنسان ينام, النوم أحد نشاطات الإنسان, إنه إن لم ينم يهلك, لا بد من أن يسترد نشاطه بالنوم, فالنوم أيضاً سلوك ثابت بالإنسان, عنده خمس ساعات نوم, عنده وقت يمضيه مع أهله, الإنسان عنده دافع اجتماعي, يقعد مع أهله, مع أولاده, مع أصدقائه, جزء من نشاطاته اللقاء اجتماعي, علاقة اجتماعية؛ سهرة, ندوة, نزهة, إلى آخره.
أحياناً يعالج نفسه عند طبيب, نشاط أساسي, فهذه النشاطات؛ نشاط معالجة, نشاط علم, نشاط كسب رزق, أخطر نشاط تمارسه يتعلق بسر وجودك, وغاية وجودك, نشاط العلم.
أي كيف ينام الإنسان حتى يستعيد نشاطه؟ كيف يأكل؟ هناك شخص لا يأكل؟ يوجد عندك ثلاث وجبات في اليوم, الناس جميعاً يأكلون, وينامون, ويعيشون حياة اجتماعية, والناس جميعاً يمارسون حرفة معينة, من أجل كسب قوتهم, أعلى نشاط وأخطر نشاط يتعلق بسر وجودك وبغاية وجودك وبسلامتك وبسعادتك هو نشاط العلم, طلب العلم, وأنت بطلب العلم تغدو إنساناً, وبأي نشاط آخر تبقى بمستوى غير إنساني, أي حيران؛ يأكل, ويشرب, وينام, ويتزوج, وينجب, ويكسب, أما الإنسان يطلب العلم فلأنه إنسان.
هذا الحديث من أخطر الأحاديث:
((من سلك طريقاً))