أحياناً إذا تقاعد الإنسان يُصاب بمرض نفسي, كان بدائرة الاهتمام, كان له عمل, فلما نُحِّي عن عمله صار متقاعداً, هُمش, لما همش اختل توازنه.
كشف الفرنسيون حقيقة نفذوها أن مدرسي الجامعة عندما يبلغون الستين يكونون في أوج عطائهم, فالأنظمة عمياء, يتقاعد الإنسان, يكون في أوج عطائه, في أوج ملكاته, فوجدوا أنه من الخطأ الكبير أن يتقاعد أستاذ جامعة, يبقى في منصبه إلى أن يعتزل هو عن منصبه.
الآن يوجد في جامعات فرنسا أستاذ جامعة بالتسعين, بالخامسة والتسعين, بالمئة, لأنه كلما كبر صار أكثر نضجاً و عطاء, ومن كان يعمل بعقله عقله لا يخرف أبداً.
عندنا قاعدة: العضو الذي يعمل لا يضمر.
انظر المؤمن لأنه يصلي, ويقرأ القرآن, ويطلب العلم, قلّما يخرف, المؤمن في نشاط ذهني دائم, إذا طلب العلم يسمع, يتفاعل, يفكر, يتأمل, يقبل, يعترض, في نشاط ذهني, قام ليصلي كل يوم خمس أوقات؛ الفجر ركعتان, الظهر أربع, أول ركعتين فيهم قراءة, الثانيات لا يوجد فيهم قراءة؛ هناك ركوع, و سجود, و قعود, و قعود أخير, هذا كله نشاط ذهني, فقلّما تجد مؤمناً يخرف, لأنه في نشاط ذهني دائم.