بقلم الأستاذ الدكتور خليل إبراهيم ملّا خاطر العزّامي
أستاذ الحديث وعلومه بجامعة طيبة بالمدينة المنورة
ومن علامات الساعة التي أشار إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم: معركة الجمل، وما حصل فيها من قتلى كثير، مع الإشارة فيها إلى ولاية عليٍّ بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه. فعن أبي رافع رضي الله تعالى عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعلي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه : ( إنه سيكون بينك وبين عائشة أمرٌ ) قال : أنا يا رسول الله ؟ قال : نعم قال : أنا ؟ قال نعم قال : فأنا أشقاهم يا رسول الله ؟ قال : لا ولكن إذا كان ذلك فارددها إلى مأمنها ).رواه أحمد الطحاوي والبزاري والطبراني، ورجاله ثقات، كما قال الحافظ الهيثمي، وحسنه الحافظ ابن حجر[1].
وإذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث إلى طرفي النزاع ـ وهما علي وعائشة رضي الله عنهما ـ فإنه صلى الله عليه وسلم قد ذكر العلامة التي ستكون عند ظهور هذا الخلاف، كما أشار إلى الظرف الذي ستكون عليه الأحوال.
فعن السيدة عائشة رضي الله عنها ـ لما أتت على الحوأب، وسمعت نباح الكلاب ـ قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لنا : ( أيتكن تبنح عليها كلاب الحوأب[2].. )الحديث بطوله، رواه أحمد وابن شيبة وأبو يعلى والبزار، وصححه ابن حبان والحاكم، والحافظ ابن حجر أيضاً.
وابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لنسائه : (ليت شعري أيتكن صاحبة الجمل الأدبب، تخرج فينبحها كلاب الحوأب، يقتل عن يمينها وعن يسارها قتلى كثير، ثم تنجو بعدها كادت). رواه البزار والطحاوي، برجال ثقات، كما قال الحافظان الهيثمي وابن حجر. ولقد حدث ما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم :
فعن قيس بن أبي حازم قال : لما أقبلت عائشة فنزلت بعض مياه بني عامر نبحت عليها الكلاب فقالت : أي ماء هذا ؟ قالوا : الحَوأب قالت ما أظنني إلا راجعة, فقال لها بعض من كان معها: بل تقدمين فيراك المسلمون فيصلح الله ذات بينهم , فقالت : إن النبي صلى الله عليه وسلم قال لنا ذات يوم : كيف بإحداكن تنبح عليها كلاب الحوأب[3].
وجه الإعجاز :إخبار النبي صلى الله عليه وسلم عن أمور غيبية تحدث بعد وفاته.
المرجع:كتاب مختصر أشراط الساعة بقلم الأستاذ الدكتور خليل إبراهيم ملّا خاطر العّزامي أستاذ الحديث وعلومه بجامعة طيبة بالمدينة المنورة.
[1] مسند أحمد (6: 393) وشرح مشكل الآثار (14: 267ـ 268 من طريقين ) والمعجم الكبير (1: 314) وكشف الأستار (4: 93ـ 94) ومجمع الزوائد (7: 234) وفتح الباري (13 : 55).
[2] الحوأب : موضع في طريق البصرة محاذي البقرة ، وهو من مياه أبي بكر بن كلاب ، وقال نصر : الحوأب من مياه العرب على طريق البصرة ، وقيل : سمي الحوأب بالحوأب بنت كلب بن وبرة ، وقال أبو منصور : الحوأب موضع بئر نبحت كلابه عائشة عند مقبلها إلى البصرة. وروى أبو مخنف بسنده عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال يوماً لنسائه ، وهنّ عنده جميعاً : ليت شعري أيتكنّ صاحبة الجمل الاَدبب تنبحها كلاب الحوأب ، يُقتل عن يمينها وشمالها قتلى كثيرة ، كلهم في النار ، وتنجو بعدما كادت !
[3] وأخرج هذا أحمد وأبو يعلى والبزار وصححه ابن حبان والحاكم وسنده على شرط الصحيح .