والواو هنا للقسم ، والعظيم لا يقسم إلا بعظيم . وفي هذه الآية بيّن الحق تعالى أن الصبح يتنفس مع بداية ظهور الشمس في الأفق فكأن للصبح رئة كبيرة تتنفس عن طريق إدخال الهواء الغني بالأكسجين (عملية الشهيق ) ،
حيث تقوم الرئة بامتصاص الأكسجين وطرح ثاني أكسيد الكربون عن طريق عملية الزفير .
ولكي تستمر الحياة على سطح الكرة الأرضية لا بد أن تستمر هذه العملية الفسيولوجية .
ويعدّ الأكسجين نسمة الحياة لكل الكائنات الحية فوق الأرض ولا يمكن الحصول عليه إلا من الهواء رغم وجوده مركباً مع عناصر أخرى في القشرة الأرضية ،
وفي الماء الذي يشكل أربعة أخماس الكرة الأرضية بنسبة (10 .8%) من حجم الماء ( 2 ) .
وأقسم الله سبحانه وتعالى بالصبح مما يدل على عظم وقت الصباح ،
كما أن المواد اللازمة لعملية التنفس لا توجد في الهواء إلا خلال هذا الوقت مما يدل على حكمة الخالق سبحانه وعظيم شأنه .
وقد ثبت علمياً أن أعلى نسبة لغاز الأوزون (O3) في الجو عند الفجر ،
وتقل تدريجياً حتى تضمحل عند طلوع الشمس ، ولهذا الغاز كما سبق ذكره فائدة عظيمة للجهاز العصبي للإنسان .
كما أن نسبة الأشعة فوق البنفسجية تكون أكبر ما يمكن عند الشروق ،
وهي الأشعة التي تحرض الجلد على صنع فيتامين (د) ( 3 ) .
كما أنه خلال وقت الصبح تبدأ عملية في غاية التعقيد وهي عملية التركيب الضوئي أو الكلوروفيلي حيث تقوم النباتات بأخذ غاز ثاني أكسيد الكربون (الغاز المؤذي للإنسان)
وتطرح غاز الأكسجين بدلاً عنه وهو الغاز الذي بدونه تنتهي الحياة ( 4 ) ، بإرادة الله عز وجل .
وتتنفس الكائنات الحية طوال الليل والنهار سواء في اليقظة أو المنام وهي عملية لازمة لاستمرار حياة الكائن الحي ،
أما كيف تتم عملية تنفس الصبح فلا بد أن نشير إلى أن ثمة تغيرات كبيرة تحدث بين هواء الليل والنهار سواء في درجة الحرارة أو الضغط الجوي للهواء أو حركة الهواء الرأسية أو الأفقية على سطح الأرض .
فالنهار عندما يتنفس فإنه يتنفس مكونات الهواء الذي يطلق عليه الغلاف الجوي أو الهوائي الذي يحيط بالكرة الأرضية من جميع الجهات .
وفي أثناء النهار وبعد شروق الشمس ترسل الشمس أشعتها التي تتعرض أثناء مرورها في الغلاف الجوي للأرض لعدة عمليات قبل أن تصل إلى سطح الأرض وهذه العمليات تتمثل في عملية الامتصاص Absorption
، والتشتت Scattering ، والانعكاس Reflecting من قبل مكونات الغلاف الجوي ( 5 ) . ويفقد عند نزوله جزءاً كبيراً يصل إلى (34%) من الإشعاع الشمسي ولا يسقط إلا (66%) من جملة الإشعاع الشمسي الساقط .
وحيث إن الأرض تمتص الإشعاع الشمسي وتحوله إلى حرارة Heat فإن سطح الأرض يعد في حد ذاته جسماً مشعاً Radiating body ،
فتنتقل الحرارة من سطح الأرض إلى الهواء الملامس لسطح الأرض عن طريق عملية التوصيل الحراري Conduction فيسخن الهواء ويتمدد ويتكون عليه ضغط منخفض
فترتفع تيارات هوائية إلى أعلى وتعرف هذه العملية باسم التيارات الحرارية الصاعدة أو تيارات الحمل Convection .
فالأجسام في الهواء تفقد من وزنها مقداراً يساوي وزن الهواء الذي يزيحها كما توصل إليه العالم أرخميدس في قانونه "الطفو" ،
وقد سبق القرآن الكريم باكتشاف هذا التحرك في السوائل والغازات مما يدل على معجزة هذا الكتاب المنزل من عند الله عز وجل .
هذا الهواء الذي ارتفع إلى أعلى تقل كثافته ويتخلخل لقلة الغازات به ؛
لأن الغازات الثقيلة توجد بالقرب من سطح الأرض ، وبالتالي تنخفض درجة حرارته بالارتفاع ،
وكأن ضغطا مرتفعا يسيطر على هذا الهواء الذي صعد إلى أعلى طوال الليل نتيجة انخفاض درجة الحرارة أثناء الليل فهو مشبع بثاني أكسيد الكربون وملوث بتنفس جميع أنواع الكائنات الحية على وجه الأرض من إنسان وحيوان ونبات ،
إضافة إلى أن الضغط المرتفع يعمل على استقرار وهدوء الهواء مما يساعد على تركيز الهواء الملوث في مكان محدد .
وعندما يرتفع الهواء إلى أعلى فإن سرعته تزداد وتتشتت الملوثات وتتفرق على مساحة واسعة وهذا من لطف الله بعباده ،
وعندما يصل الهواء إلى طبقات الجو العليا يبرد ويثقل ويتحرك على العكس من تحرك الهواء على سطح الأرض فيتحرك من مناطق الضغط المرتفع إلى مناطق الضغط المنخفض ثم يهبط هذا الهواء على شكل تيارات هوائية هابطة إلى مناطق الضغط المنخفض على سطح الأرض ،
لأن عملية هبوط الهواء تؤدي إلى تجمع الهواء النازل فيتركز عليه ضغط مرتفع ليحل محل الهواء الساخن الذي سبق أن صعد إلى أعلى .
هذا الهواء الهابط لا يلبث أن يتفرق ويتحرك إلى مناطق الضغط المنخفض على سطح الأرض ،
ويمتاز هذا الهواء بنقائه ويساعد على ذلك وجود أعلى نسبة من غاز الأوزون في هذا الوقت من النهار إضافة إلى أن عملية التمثيل الضوئي للنبات لا تتم إلا نهاراً عند شروق الشمس فيطلق النبات الأكسجين في الجو ويمتص ثاني أكسيد الكربون .
وهنا نشير إلى الإعجاز العلمي حيث يحدث في بداية ظهور الشمس في الأفق وهو ما يسمى بالصبح أو الصباح أو النهار كما ورد في تفسير المفسرين وآرائهم حول عملية تنفس الصبح ،
فالصبح عندما يتنفس فإنه يتنفس الهواء البارد الهابط النقي ( الشهيق ) ،
ويدفع بالهواء الدافئ الملوث نتيجة لاستقراره طوال الليل قريباً من سطح الأرض ( الزفير ) وما يحمله من ثاني أكسيد الكربون الناتج عن عمليات تنفس الكائنات الحية على وجه العموم .
وهذا ما يحدث تماماً في عملية تنفس الكائنات الحية ؛
لأن الهواء الذي يدخل عن طريق عملية الشهيق يكون بارداً نسبياً ، والهواء الخارج عن طريق عملية الزفير يكون هواءً حاراً اكتسب حرارته من الجسم ،
هذا الهواء عندما يخرج يتمدد ويرتفع إلى أعلى ثم يهبط هواء بارد ثقيل ، وهكذا دواليك .
وكما أن عملية التنفس الفسيولوجية لازمة لاستمرار حياة الكائنات الحية على وجه الأرض فإن عملية تنفس الصبح أيضاً ضرورية لاستمرار حياة هذه الكائنات الحية ؛
لأنها تسحب الهواء النقي البارد إلى سطح الأرض وتدفع بالهواء الملوث الدافئ إلى أعلى وتنشره وتفرقه على مساحات واسعة .
أيضاً يجب الإشارة إلى حقيقة علمية أخرى دلّت عليها الآية ، وهي حركة الهواء الصاعدة والهابطة والأفقية الناتجة عن اختلاف الضغط الجوي الناتج عن اختلاف الحرارة حيث ثبت أن للهواء وزناً وثقلاً مما يؤدي إلى حركة الرياح من مناطق الضغط المرتفع إلى مناطق الضغط المنخفض عند سطح الأرض والعكس في طبقات الجو العليا ،
ووضعت قوانين وقياسات لم يتوصل لها الباحثون إلا سنة 1644م على يد العالم تورشيللي الذي أثبت أن للهواء وزناً في حين وردت إشارات واضحة لحركة الهواء في القرآن الكريم وهي معجزة ناطقة في كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه
. وبعد ازدياد درجة الحرارة أثناء النهار نتيجة لزيادة الإشعاع الشمسي تتغير مكونات الهواء وتختلف من مكان إلى آخر وتزداد سرعة الرياح بعد الظهر لازدياد الطاقة بين جزيئات الهواء ،
ويستمر الوضع حتى الساعة الثانية بعد الظهر حيث تكون الشمس قريبة من الحالة العمودية ،
ولا تزال كمية الحرارة التي تكتسبها الأرض أكبر من كمية الحرارة المفقودة ،
أما بعد هذا الوقت فإن طاقة الإشعاع الشمسي تقل بانحراف الشمس عن خط الزوال ويزداد فاقد مقدار الإشعاع الأرضي -لأن الأرض أصبحت جسماً حاراً- على مقدار ما تكتسبه الأرض من إشعاع شمسي .
ونتيجة لذلك تأخذ درجات الحرارة بالانخفاض بصورة تدريجية وتستمر الحالة حتى بعد شروق الشمس بقليل في الصباح التالي حيث
تسجل درجات الحرارة الصغرى ،
وهي الفترة التي يحدث فيها توازن بين كمية الحرارة المكتسبة والمفقودة في بداية النهار ( 6 ) .
يتضح مما سبق أن لفظ "تنفس الصبح" الوارد في القرآن الكريم حقيقة علمية وأن الصبح يتنفس حقيقة خلافاً لمن ذهب إلى أنه مجاز من أهل التفسير واللغة ،
وأن الله جلّت قدرته قد اختار هذا اللفظ الذي لو حاول العرب جميعهم إيجاد كلمة بديلة أو مرادفة فلن يجدوا إلى ذلك سبيلاً ،
وهذا يدل على معجزة القرآن الكريم المنزّل من عند الله تعالى .
سبحان الله والحمدلله ولا اله الا الله والله اكبر ولاحولا ولاقوة الا بالله
اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الاحياء منهم والاموات وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين
عدد المساهمات : 1712تاريخ التسجيل : 16/03/2013العمر : 45الموقع : تونس
موضوع: _da3m_20 الثلاثاء 11 يونيو 2013, 4:56 pm
تسلم الانامل الرقيقة والذوق الرفيع الابداع والتميز من منارة هذا المنتدى دائما اجد في مشاركاتك فائده ودائما ارى في مواضيعك نظره ثاقبه هنيئا ليس لك بل لنا بك
دلالة الاعجاز العلمي في اثبات حقيقة تنفس الصبح التي وردت في القرءان الكريم..