مجمل تاريخ العصور الوسطى الأوروبية
الإمبراطورية الرومانية
الواقع أن المدخل الطبيعي لدراسة العصور الوسطى الأوروبية يتمثل في الإمبراطورية الرومانية من حيث نشأتها وتطورها ومراحل الضعف التي مرت بها إلى أن انهارت على أيدي العناصر الجرمانية عام 476م، ويلاحظ أن العصور الوسطى الأوروبية قامت على أساس ثلاثة عناصر وهي:-
1- التراث الكلاسيكي اليوناني والروماني.
2- المسيحية.
3-العناصر الجرمانية.
بدأت الإمبراطورية الرومانية بعد أن أنتصر أوكتافيوس على أنطونيو وكليوباترا في معركة أكتيوم عام 31ق.م وقد تلقب أوكتافيوس بلقب أغسطس وصار إمبراطوراً وقد أمتد عهد إزدهار الإمبراطورية من عام 27ق.م إلى 180م،وقد بدأ الضعف يدب في جسد الإمبراطورية الرمانية في القرن الثالث الميلادي عندما أنعدم النظام وتحكم الجيش في تعيين الأباطرة ومنذ تولي الإمبراطور دكيوس بدأت هناك سلسلة من الأباطرة العسكريين إلى أن وصل إلى السلطة الإمبراطور دقلديانوس 284/305م وأهم أعمالة هي:-
- إخضاع الثورات المضادة للإمبراطورية الرومانية.
-مواجهة إغارات عناصر البرابرة الجرمان.
-قام بمهاجمة الفرس وأسترد بلاد ما بين النهرين.
-قام بتقسيم الإمبراطورية إلى أربعة أقسام إدارية كبري في صورة غاليا-إيطاليا-إليريا-إقليم الشرق.
-قام بنقل العاصمة إلى مدينة نيقوميديا في شمال غربي أسيا الصغرى.
-أتجه إلى إصلاح النظام الضرائبي.
تولى من بعده قسطنطين الذي تغلب على خصومة ووحد الإمبراطورية عام 323م ويمكن أيجاز أهم أعمال كالأتي:-
1-الأعتراف بالمسيحية أحدى الديانات الموجودة في الإمبراطورية وأوقف الاضطهاد الذي قام به دقلديانوس ضدها.
2-قام بتأسيس عاصمة جديدة في صورة القسطنطينية أو روما الجديدة وأفتتحها بالفعل في مايو 330م وسوف تصبح عاصمة الإمبراطورية البيزنطية ولن تسقط إلا مرتين الأولى 1204م على أيدي الصليبيين خلال الحملة الصليبية الرابعة، والثانية عام 1453م على يدي محمد الفاتح العثماني.
3-قام بجعل المنصب الإمبراطوري منصباً وراثياً في أسرته.
استمرت الإمبراطورية الرومانية قائمة إلى أن سقطت عام 476م على أيدي الجرمان وأختلف المؤرخون في تفسير سبب سقوطها ويمكن أجمال أهم الآراء على النحو الأتي:-
أولاً:- هناك من يري أن الجرمان هم الذين كانوا وراء سقوطها وأنهم أجهدوها إلى أن دخل أدواكر روما في العام المذكور وأسقط حكم الإمبراطور رومولوس اوجوستيلوس ،حتى أن البعض من المؤرخين يعتبرون عام 476م يصلح أن يكون بداية العصور الوسطى الأوروبية.
ثانياً:- هناك من رأى أن المسيحية تعد مسئوله عن سقوط الإمبراطورية الرومانية إذ أن دعوتها للزهد والتقشف كانت من القوة بحيث لم تقدم للمعاصرين دافعا قوياً للعمل والإنتاج.
ثالثاً:- رأى فريق آخر من المؤرخين أن ضعف الأباطرة كان له تأثيره فلم يعد هناك أباطرة أقوياء مثل أوغسطس ودقلديانوس وغيرهما بل مجرد أباطرة ضعاف لا يستطيعون مواجهة الأخطار الخارجية.
رابعاً:- هناك رأي على جانب كبير من القيمة ردده المؤرخ البريطاني أرنولد توينبي صاحب كتاب دراسة التاريخ والذي تنسب له نظرية التحدي والاستجابة، فقد رأى أن الإمبراطورية الرومانية سقطت من الداخل قبل أن تسقط من الخارج فالنظام السياسي والإقتصادي والإداري أنهار ولذلك كان السقوط وقرر أن أدواكر ليس له حق الادعاء بأنه صاحب شرف إسقاط روما.
يلاحظ أن ذلك المؤرخ قد تأثر بالمفكر البارز أبن خلدون صاحب المقدمة الشهيرة والذي قرر أن للدول أعماراً تبدأ قوية ثم تكبر وتهرم وتموت كذلك قرر أن أهل البدو أقدر على هزيمة أهل الحضر.
يلاحظ أن سقوط إمبراطورية الرومانية مثل أهمية كبرى لدارسي تاريخ العصور الوسطى لدرجة أن المؤرخ البريطاني الكبير إدوارد جيبون خصص كتاباً من ثلاثة أجزاء عنوانه:-
تاريخ إضمحلال وسقوط الإمبراطورية الرومانية.
لا نغفل الإقرار بأن الإمبراطور الأخير رومولوس أوجوستيلوس لا يتحمل بمفرده مسئولية سقوط الإمبراطورية لأن عملية السقوط إستغرقت زمناً طويلاً من قبل عهده.
ملحوظة:- عن العرض السابق أنظر الأتي:-
-أسحق عبيد، الإمبراطورية الرومانية بين الدين والبربرية.
، من الارك إلى جستنيان دراسة في حوليات العصور المظلمة.
-سيد الناصري، الإمبراطورية الرومانية.
-سعيد عاشور، أوروبا العصور الوسطى.
-نورمان كانتور، التاريخ الوسيط.
>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>
الجرمان والإمبراطورية الرومانية
العناصر الجرمانية منها ما قدم من وسط أسيا في صورة قبائل وقد قامت بغزو القارة الأوروبية وهم في الأصل رعاة وكانت السهول الموجودة شمالي بحر قزوين مغرية لهم ليهاجموا القارة الأوروبية ومن تلك العناصر الهون وغيرهم.
أما الجرمان،فأن موطنهم الأصلي عند بحر البلطيق ويلاحظ أن مصادرنا التاريخية عنهم تتمثل في ما ألفه قيصر وكذلك تاكيتوس ونعرف من خلالها أن الجرمان أشتهروا بالقوة والشجاعة والكرم وقد أنقسموا إلى ثلاث طبقات وهي النبلاء والأحرار والعبيد وكان النبلاء يمثلون الطبقة المحاربة التي حظيت بنوع خاص من التشريف أما العبيد فعملوا بالزراعة.
بدأ الجرمان يتسللون إلى مناطق الإمبراطورية الرومانية بصورة سلمية وفيما بعد تزايدت أعدادهم وقلت موارد الغذاء لديهم وحدث الصدام بينهم وبين الإمبراطورية عندما عبروا نهر الدانوب وذلك عام 376م وتمكنوا من هزيمة الجيش الإمبراطوري وعلى رأسه الإمبراطور فالينز.
عندما جاء بعده الإمبراطور ثيودوسيوس أتجه إلى مهادنتهم وعقد معهم معاهدة صاروا بمقتضاها معاهدين للإمبراطور.
بصفة عامة يمكن القول بأن أهم توزيعات الجرمان على النحو التالي:-
-القوط الشرقيون.......................................... ...إيطاليا.
-القوط الغربيون.......................................... ...أسبانيا.
-الوندال........................................... .............شمالي أفريقيا.
-الفرنج............................................ .............فرنسا.
-الأنجلوسكسون...................................... ........إنجلترا.
من المهم ملاحظة أن سقوط القسم الغربي من الإمبراطورية لم يكن يعني النهاية، ففي القسم الشرقي وجدت الإمبراطورية البيزنطية وقامت خلال عهد الإمبراطور جستنيان عام 527/565م بحملات عديدة من أجل أسترداد القسم الغربي من السيادة الجرمانية وبعد أن حقق إنتصارات متعددة فشل مشروعه وعاد الجرمان إلى مناطقهم السابقة وتأكد لنا أن ذلك الإمبراطور حاول أعادة عقارب الساعة إلى الوراء وقد أنفق الأموال الطائلة وفتك بالكثيرين في ساحات المعارك جرياً وراء سراب خادع لم يكن من الممكن أن يتحقق وأتضح لنا أن العناصر الجرمانية صنعت جذوراً لها في الأرض الرومانية لم يكن من الممكن لذلك الإمبراطور أن يقضي عليها.
ملحوظة:-عن الجرمان بالتفصيل أنظر:-
-ديفز،أوروبا في العصور الوسطى.
-محمد مرسي الشيخ، أوروبا في العصور الوسطى.
-محمود سعيد عمران، معالم تاريخ أوروبا العصور الوسطى.
،الوندال.
__________________