معاملات إسلامية
تناول المسكرات
تناول المسكرات
المسكر هو كل ما ذهب بعقل الإنسان وجعله لا يدرى ماذا يفعل سواء أكان من الخمر أم غيره من أنواع المخدرات.
أما الخمر فهى كل سائل أعد بطريق التخمير فتحول إلى كحول وأصبح مسكرًا لمن يتناوله سواء أعد هذا السائل من العنب أم من البلح أم من العسل أم من الشعير أم من أى نوع من أنواع الحبوب والفواكه. قال (: (كل مسكر خمر، وكل خمر حرام) [مسلم]. فإن لم يختمر فلا شىء في شربه، فقد ورد أن النبى ( شرب النبيذ قبل أن يختمر وأجاز شرب العصير قبل اختماره.
والخمر أم الفواحش وكبيرة من أكبر الكبائر، لأنها تذهب بعقل الإنسان، فتدفعه إلى ارتكاب أفعال شنيعة وهو لا يدرى، فقد يترك الصلاة، بل قد يجامع أمه أو عمته وهو لا يدرى. قال: عبد الله بن عمر -رضى الله عنهما-الخمر أم الفواحش وأكبر الكبائر، ومن شرب الخمر ترك الصلاة، ووقع على أمه وخالته وعمته [الطبرانى].
وحرم الإسلام تناول الخمر الكثير منها والقليل. قال (: (ما أسكر كثيره فقليله حرام) [أحمد والترمذي وأبو داود].
وقد وصف الحق تبارك وتعالى الخمر بأنها رجس من عمل الشيطان، وأمر باجتنابها، قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون) [المائدة:90].
أنواع الخمر:
وللخمر أنواع كثيرة منها: (البتع) وهو الخمر من العسل، و(المزر) وهو الخمر من الذرة والشعير. و(الجعة) أو البيرة وهى من الشعير أيضًا.
عن أبى بريدة عن أبيه قال: بعثنى رسول الله ( ومعاذًا إلى اليمن، فقال: "ادعوا الناس، وبشِّرا ولا تنفِّرا، ويسِّرا ولا تعسِّرا". قال: فقلت: يا رسول الله! أفتنا في شرابين كنا نصنعهما باليمن: البتع؛ وهو من العسل ينبذ حتى يشتد. والمزر؛ وهو من الذرة والشعير ينبذ حتى يشتد. قال رسول الله ( -وقد أعطى جوامع الكلم بخواتمه-: "أنهى عن كل مسكرٍ أسكر عن الصلاة" [مسلم].
أحكام الخمر:
للخمر أحكام توجز فيما يلي:
1- يحرم شرب قليلها وكثيرها؛ لقول النبى ( :"لعن الله الخمر شاربها، وساقيها، وبائعها، وبمتاعها، وعاصرها، ومعتصرها، وحاملها، والمحمولة إليه، وآكل ثمنها"[أبو داود[.
2- مَنْ يستحل الخمر يكفر ويصبح خارجًا عن الملة؛ لأن تحريمها جاء بنص ثابت؛ قال تعالى: (إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون)[المائدة: 90].
3- يحرم على المسلم بيعها أو شراؤها.
4- إذا أتلفها المسلم فلا ضمان عليه، فإذا رأى مسلم خمرًا فسكبها فليس عليه دفع ثمنها.
5- الخمر نجسة نجاسة مغلظة، فعن أبى ثعلبة الخشنى، قال: يارسول الله، إنا نجاور أهل الكتاب، وهم يطبخون فى قدورهم الخنزير، ويشربون فى آنيتهم الخمر، فقال رسول الله ( :"إن وجدتم غيرها، فارحضوها (اغسلوها) بالماء، وكلوا واشربوا"الدارقطنى].
6- يقام الحد على من شربها؛ لقوله ( :"ما أسكر كثيره فقليله حرام"[النسائى وابن ماجة].
حكم من يساعد في وصول الخمر للناس:
كل من ساهم في وصول الخمر إلى الناس ملعون من الله ورسوله. قال رسول الله (: (لعن الله الخمر وشاربها وساقيها وبائعها ومبتاعها وعاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة إليه) [أبو داود والترمذي وابن ماجة].
حكم الخمر وتناولها والتداوى بها:
الخمر محرمة في اليهودية والمسيحية كما أنها محرمة في الإسلام. ولذلك فحدُّها يقام على المسلم وعلى غير المسلم من أهل الكتاب الذى يعيش في بلاد المسلمين.
ولا يجوز التداوى بالخمر، فقد جاء رجل إلى النبى ( يسأل عن الخمر، فنهاه، ثم سأله فنهاه، فقال له: يانبى الله! إنها دواء. قال النبى (
لا، ولكنها داء) [أبو داود والترمذي].
وقال (: (إن الله أنزل الداء والدواء، وجعل لكل داء دواء، فتداووا ولا تتداووا بحرام) [أبو داود].
حد الخمر:
يحد شارب الخمر بالجلد ثمانين جلدة، وقيل أربعين جلدة.
فعن أنس بن مالك -رضى الله عنه- أن النبى ( ضرب في الخمر بالجريد والنعال، وجلد أبو بكر شارب الخمر أربعين جلدة [البخارى ومسلم].
ويضرب في حد الخمر بالأيدى أو بالنعال أو بأطراف الثياب أو بالسوط المعتدل. أو ما شابه ذلك لأن النبى ( لم يحدد شيئًا معينًا، عن أبى هريرة -رضى الله عنه- قال: أُتِىَ النبى ( برجل قد شرب (خمرًا) قال: "اضربوه"، قال أبو هريرة-رضى الله عنه-:فمنا الضارب بيده والضارب بنعله، والضارب بثوبه، فلما انصرف، قال بعض القوم: أخزاك الله. فقال ( :"لا تقولوا هكذا، ولا تعينوا عليه الشيطان". [أحمد والبخاري وأبو داود].
شروط إقامة حد الخمر:
- أن يكون الشارب عاقلا بالغًا مختارًا، فإن كان مجنونًا أو صبيَّا صغيرًا أو مكرهًا على الشرب فلا حد عليه.
- أن يكون عالمـًا بأن ما يتناوله مسكرًا أو خمرًا. فإن شربها الرجل معتقدًا أنها ماء أو غير ذلك فلا حد عليه.
- أن يكون عالمـًا بحرمة الخمر، فإن كان حديث عهد بالإسلام وشرب الخمر دون أن يعرف أنها محرمة فلا حد عليه. أما إذا كان قديم العهد بالإسلام وشَربِها يقام عليه الحد، حتى وإن كان جاهلا بتحريمها، لأن تحريمها مما يجب أن يعلمه كل مسلم.
- ألا يكون قد شرب الخمر مضطرًا. إذ لا حد على مضطر؛ كأن يكون قد أوشك على الموت من العطش، ولم يجد أمامه إلا الخمر، فشرب منها؛ ليبقى على حياته، فلا يقام عليه الحد.
ما يثبت به الخمر:
ويثبت الحد بإقرار الشارب أو اعترافه. أو بشهادة رجلين يعرف عنهما التقوى والصدق.فيشهدان أن رجلا ما شرب الخمر، وقد شاهداه، فيقام عليه الحد بشرط أن يكون الشاهدان من الرجال. وبشرط أن تكون الشهادة حديثة العهد بشرب الرجل الخمر. فإن شرب الرجل الخمر ومر على ذلك مدة طويلة ثم جاء رجلان يشهدان بأنه شرب الخمر فلا حد عليه.
ولا يثبت الشرب بالرائحة تخرج من فم الرجل، أو أنه يتقيَّأ خمرًا؛ لأنه ربما يكون قد شربها مضطرًا، أو ربما أكره على شربها، أو ربما شربها ظنَّا منه أنها ليست خمرًا. وهذه الاحتمالات تعنى الشبهة، والحدود لا تقام على الشبهات.
لا يقام الحد على السكران حتى يفيق:
ولا يقام الحد على شارب الخمر أثناء سكره، فينتظر حتى يفيق من سكره ثم يقام عليه الحد.
حرمة تملك الخمر أو بـيعها أو شرائها أو شربها أو الشهادة عليها:
لا يحل للمسلم أن يتملك الخمر ولا أن يبيعها لغيره، ولا أن يشتريها سواء لنفسه أو لغيره، ولا أن يشربها لو كانت قيلا، ولا أن يهبها لأحد، ولا أن يأخذها هبة من أحد. ولا يجوز له الانتفاع بها، ولا يضمن إن أتلفها (أى لا يدفع تعويضًا).ويكفر مستحل الخمر لأن حرمتها ثبتت بدليل قاطع، وهو نص القرآن الكريم في قوله تعالى: {إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه} [المائدة: 90].
المخدرات:
كل أنواع المخدرات من أفيون وحشيش وغيرهما محرمة. ولا يحل للمسلم أن يمتلكها أو يزرعها أو يتاجر فيها، فمالها حرام وربحها حرام. ولكن لا حد فيها، وإنما للحاكم أن يعزر من يتناولها بما شاء من عقوبة.