تعرض الأطفال بشكل مستمر لمختلف أنواع الأمراض والأعراض الصحية الطارئة، وهو ما يشكل مشكلة كبيرة للأمهات، خاصة إذا ما كانت الأم من النساء العاملات، بسبب اضطرارهن لترك أطفالهن في الحضانات، ناهيك عن اختلاطهم ووجودهم بأماكن مكتظة بالأطفال.
ويأتي فصل الشتاء بالمزيد من تلك الأمراض بسبب الأوضاع الجوية، خاصة أن غالبية أمراض الشتاء يُسهل فيها انتقال العدوى من طفل إلى آخر عبر التنفس أو أحيانًا عبر الرذاذ.
"لها أون لاين" وقفت مع أخصائية طب الأطفال بمستشفى الأوروبي بقطاع غزة "شيرين عابد" على أهم الأمراض التي يعاني منها الأطفال خاصة أبناء الأمهات العاملات ووضعت الحلول الطبية والإجراءات الوقائية للأم العاملة لتتعامل معها.
• دكتورة برأيك أيُّ الأطفال أكثر عرضة للأمراض أطفال العاملات أم ربات البيوت؟
بالتأكيد أطفال الآباء والأمهات العاملات هم الأكثر عرضة للأمراض، من أولئك الأطفال لأمهات ربات بيوت أو عاملات بدوام جزئي، والأسباب لا تبتعد برأيي عن اختلاط أطفال الأمهات العاملات ببيئات مختلفة من الحضانات، والتي لا تخلو من انتشار الأمراض بين الأطفال، خاصة في فصل الشتاء، مثل: أمراض الأنفلونزا، وارتفاع درجات الحرارة، والحصبة، والجدري، وغيرها من الأمراض المعدية.
ولكني أؤكد جازمة أن أطفال الأمهات والآباء العاملين في المجال الصحي الأكثر عرضة لانتقال الأمراض إليهم، وذلك من خلال آبائهم وأمهاتهم في حال عدم اتخاذ إجراءات الوقاية السليمة بعد ملامسة المرضى أثناء الكشف، أو بعد إجراء العمليات، وسحب عينات التحاليل الطبية وغيرها، فأولئك ليس بالضرورة إصابتهم بالأمراض المعدية لينقلوها لأبنائهم، ولكن ينقلوها عبر الإجراءات الخاطئة، وعدم التزامهم الوقاية عند معاينة المرضى، ومن ثمَّ عند التواصل مع أبنائهم في المنزل.
• ما أهم الأمراض التي تنتشر كثيرا بين هؤلاء الأطفال؟
لعل من أكثر الأمراض شيوعًا بين الأطفال النزلة المعوية، والتهابات الحنجرة والأذن والعين، إضافةً إلى الأنفلونزا وما يترتب عليها من رشح أو كحة أو التهابات رئوية، قد تكون حادة ويضطر معها الطفل المريض خاصة إذا كان أقل من 6 أشهر إلى المبيت في المستشفى، بالإضافة إلى أمراض أخرى منتشرة نسبيًا في قطاع غزة، مثل: مرض السحايا، أو ما يُسمى بالحمى الشوكية، ويتم انتقال العدوى بها من شخص إلى آخر عن طريق التنفس.
• هل تعتقد أن الأم العصرية قصرت وشغلتها الحياة عن العناية بطفلها؟
بدون أدنى شك فإن الجزء الأكبر من المسؤولية عن الأبناء سواء بالتربية أو الاهتمام بصحتهم يقع على عاتق الأم؛ لكونها هي اللبنة الأساس في الأسرة، وهي العامود الفقري لها، وخروجها للعمل يؤثر بشكل أو بآخر على وقت رعايتها لهم، ولكنها حريصة جدًا على العناية بأطفالها فنجدها تُكابد من أجلهم.
• ماذا عن الأمراض الخاصة بالأطفال في فصل الشتاء؟
تتعلق الأمراض الخاصة في فصل الشتاء بالدرجة الأولى بالجهاز التنفسي، وهي تتراوح حقيقةً بين أمراض يسيرة كالرشح والزكام، وأمراض شديدة ومؤثرة على صحة الطفل، تتعلق بالالتهابات الرئوية الحادة، والتي تُصيب الأطفال في جميع مراحل الطفولة، سواء حديثي الولادة أو الرضع أو الأكبر سنًا ( 5-15عامًا).
• هل من نصائح طبية خاصة بفصل الشتاء للأطفال؟
نعم نتمنى على الأمهات أن تولي اهتمامًا أكبر بأبنائهن في فصل الشتاء؛ لتجنبهم الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي وغيرها من الأمراض التي تؤثر على صحة أطفالهن الجسدية. بدايةً ما أود التأكيد عليه للأمهات لأطفال رضع الاهتمام بالرضاعة الطبيعية بالدرجة الأولى خاصة، وأنها تحتوي على أجسام مناعية تنتقل إلى الطفل وتقيه من الإصابة بالعديد من الأمراض، إضافةً إلى اتباعها نظاما غذاء صحيا متوازنا، مع التركيز في فصل الشتاء على تناول الأطعمة والعصائر التي تحتوي على فيتامين C، الذي يؤدي دورا هاما ضد الأكسدة وحماية الأغشية المخاطية في الجهاز التنفسي.
ومن الضروري جدًا أن تنتبه الأمهات في فصل الشتاء لطبيعة الملابس التي يرتديها أطفالها، فلا تكون خفيفة تُسبب لهم نزلات البرد والأمراض الشتوية، من الرشح والزكام أثناء تعرضهم لأي تيار هواء عارض، ولا تكون أيضًا ثقيلة جدًا بحيث تُسبب لهم الحساسية الصدرية إذا ما تم الانتقال من مكان إلى آخر، فمن المهم جدًا أن تراعي الأمهات درجة الحرارة الخارجية في فصل الشتاء عند اختيار الملابس لأطفالهن، سواء داخل المنزل أو خارجه، وأخيرًا على الأم مراجعة الطبيب المعالج في المراكز الصحية أو المستشفيات، مع التأكيد على المراجعة الطبية للأطفال الرضع، أما الأطفال الأكبر سنًا ننصح بإعطاء الطفل علاجات يسيرة لأمراض الشتاء تتعلق بخفض الحرارة إن وجدت، والاستزادة من تناول فيتامين C في العصائر الطبيعية، وزيادة السوائل الساخنة، ولا ننصحها بإعطاء الطفل مضادات حيوية قبل مراجعة الطبيب المختص.
• معروف أن أمراض الجهاز التنفسي أمراض معدية، كيف نتعامل مع الطفل المصاب بها؟
بالتأكيد فأمراض الجهاز التنفسي أمراض معدية، ولكنها ليست بدرجة خطيرة، فهي تنتقل بسهولة من شخص إلى آخر عن طريق الرذاذ أو التنفس، خاصة إذا وجد المصاب في أماكن مغلقة مكتظة بالناس في الحضانة أو المدرسة وأماكن العمل المختلفة، وأعتقد أن الوقاية هنا خير من العلاج، فإذا شعر أحد الكبار سنًا بأعراض أمراض البرد والأنفلونزا من التهاب الحلق، أو زكام أو كحة، لابد أن ينأى بنفسه جانبًا خاصة في حال وجود أطفال في المنزل، وأن يعمد إلى إجراءات السلامة الوقائية من استخدام المناديل الورقية أثناء العطس، وغسل اليدين جيدًا قبل أن يلامس الأطفال، نظرًا لضعف أجهزتهم المناعية، بالإضافة إلى الاهتمام بالتهوية الجيدة للمنزل، واللجوء إلى الطبيب للمعاينة وتلقى العلاج المناسب.
• ولكن كيف يمكن للأم أن تدعم طفلها المريض بمرض معدي نفسيًا ليتقبل العزل عن أشقائه أو تناوله الأدوية والمضادات؟
بلا شك الدعم النفسي نصف العلاج، والنتائج العلاجية للأودية والعقاقير تؤدي لنفسية المريض في نجاعتها دورًا كبيرًا، لذلك على الأم أن تهتم بطفلها جيدًا من الناحية النفسية، وأن تُخبره بأسلوب طيب يروق له بأن اقترابه من أشقائه خاصة في فترة المرض أو حضانته سيجعلهم مرضى مثله، ولن يتمكن من اللعب معهم وغيرها من الأساليب الودودة مع الطفل.
• تُشير دراسات عالمية إلى أن أطفال الأمهات العاملات أكثر عرضة للبدانة، هل تؤيدي هذه الدراسات وما هي الأسباب؟
نعم ، فالأمهات العاملات سواء كن أمهات لأطفال رُضع، أو أكبر سنًا في مرحلة الروضة أو المدرسة غالبًا ما يعتمدن في تغذية أطفالهن على الحليب الصناعي في فترة الرضاعة أو الوجبات الغذائية السريعة كالمعجنات وغيرها للأكبر سنًا؛ ما يجعل الأبناء يعانون من وزن زائد، ناهيك عن الممارسات الخطأ، فالأم لضيق وقتها وتراكم الأعباء المنزلية عليها تعمد إلى الإغداق على أطفالها بالمسليات أثناء جلوسهم أمام التلفاز لكي تنهي أعمالها في أقصر وقت، بينما هم يتابعون أفلام الكارتون، وحقيقةً أن هذه الأساليب خاطئة، وتنعكس سلبيًا على صحة الأبناء، فإضافةً إلى السمنة، قد يعانون من سوء التغذية، وهناك دراسات عالمية أشارت إلى ذلك، وأدعو جميع الأمهات العاملات إدراك مخاطر الوجبات السريعة، والتركيز على الغذاء الصحي المتوازن حتى في ذروة العمل.
• كيف تستطيع الأم العاملة أن تقي أبنائها من الأمراض أثناء اختلاطهم بغيرهم في حضانات الأطفال؟
بالتأكيد هناك أمور حتمية لا تستطيع الأم العاملة تجاوزها، كترك أبنائها أثناء فترة العمل في الحضانة في ظل عدم وجود أي راعي آخر من الأسرة، وهنا أنصح الأم في حال تعرض طفلها لأي مرض أن تقدم على إجازة من عملها؛ لتقوم على رعاية طفلها وعدم تركها المهمة للمربية في الحضانة، خاصة وأن احتمالية تطور المرض تكون كبيرة، بالإضافة إلى الاهتمام بغذاء طفلها، والاهتمام بنظافته الشخصية.