السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
إذا جمع الله الناس يوم القيامة وتبين للمجرمين هلاكهم، حاولوا أن يرموا إخفاقهم على غيرهم، وأن يتنصلوا من المسؤولية، فيدور هذا الحوار بين المستضعفين من المجرمين في الأرض والمستكبرين منهم:
ـ يقول المستضعفون للذين استكبروا: لولا أنتم لكنا مؤمنين طائعين لله، مقيمين للصلاة فاعلين للخير، لكنكم أمرتمونا بالمنكر ونهيتمونا من المعروف، فأطعناكم، فأنتم سبب هلاكنا وسبب ما نحن فيه... أمرتمونا في الدنيا بتحليل الربا وتشجيع الرذيلة ومحاربة الأخيار وتشجيع الأشرار.
ـ فيرد المستكبرون: بل كنتم مجرمين، وهل أجبرناكم على ما فعلتم؛ إنما أمرنا فأتمرتم، ونهينا فانتهيتم، ولو أنكم قدَّرتم الله حق قدره لقدَّمتم أمره على أمرنا، ونهيه على نهينا، لكنكم أطعتمونا وتركتم طاعة الله فعبدتمونا بذلك من دونه، ولم ننهكم نحن عن الهدى إنما هو اختياركم، فحُق لكم ما أنتم فيه اليوم، فلا تلومونا ولوموا أنفسكم...
ويجيب المستضعفون: بل مكرتم بنا بالليل والنهار وأمرتمونا بمعصية الله تعالى ... ثم يدركون أن التلاوم لا معنى له، وهم هلكى جميعا التابع والمتبوع، فيُسِرُّ جميعا الندامة، وتوضع الأغلال في أعناقهم ويسحبون إلى نار جهنم جزاء بما كانوا يعملون ...
فإذا دخلوها ومسهم حرها:
تحدث الضعفاء فقالوا لمن كانوا يأمرونهم في الدنيا بمعصية الله وترك منهجه، وهم يظنون أن لهم بقية من سلطة، وقدرة على الأمر والنهي: إنا كنا في الدنيا نطيعكم ونأتمر بأمركم، فهل أنتم مغنون عنا نصيبا من النار؟
فيجيبون: إنا كل فيها وإن الله قد حكم بين العباد.
ثم يلتفتون جميعا إلى خزنة جهنم فيقولون: ادعوا ربكم يخفف عنا يوما من العذاب ...
فتجيبهم الملائكة: ألم تأتكم رسلكم بالبينات؟، ألم يظهروا لكم الحق من الضلال، والحلال من الحرام؟
فيقولون: بلى، بينوا لنا كل ذلك ...
وتنقطع بذلك حجتهم بإقرارهم على أنفسهم... وتدبروا الآيات الكريمات:
قال تعالى: (ولو ترى إذ الظالمون موقوفون عند ربهم يرجع بعضهم إلى بعض القول، يقول الذين استضعفوا للذين استكبروا لولا أنتم لكنا مؤمنين، قال الذين استكبروا للذين استضعفوا أنحن صددناكم عن الهدى بعد إذ جاءكم بل كنتم مجرمين، وقال الذين استضعفوا للذين استكبروا بل مكر الليل والنهار إذ تأمروننا أن نكفر بالله ونجعل له أندادا وأسروا الندامة لما رأوا العذاب)، وقال: (وإذ يتحاجون في النار فيقول الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا نصيبا من النار، قال الذين استكبروا إنا كل فيها إن الله قد حكم بين العباد، وقال الذين في النار لخزنة جهنم ادعوا ربكم يخفف عنا يوما من العذاب، قالوا أولم تك تأتيكم رسلكم بالبينات، قالوا بلى، قالوا فادعوا وما دعاء الكافرين إلا في ضلال)
أرجو أن يكون المغزى واضحا من هذا الحوار ... وقد قرأت أن المشروع الذي قدم للبرلمان لإسقاط 1% من الربا قد أسقط ورفضه نواب البرلمان... ولا أدري أي حجة ستقوم لهم بين يدي الله مع صريح القرآن الذي يحرم الربا ...
نسأل الله أن يجعلنا من الذين إذا عرفوا الحق اتبعوه ... ومن الذين لا تأخذهم فيه لومة لائم ... آمين.