اسم المفتي : محمد بن صالح العثيمين
نص السؤال
السلام عليكم ورحمة الله
الآن مثل ما هو واضح بحال الشباب والبنات قلة الوازع الديني إلا من رحم الله
والمشكلة أن أخي ينتظر شخصا يتقدم لي بمواصفات المهدي والله أعلم، أنا متأكدة من خوفه وحرصه علي، وكل خوفه أن أرجع مطلقة لبيته وألومه خاصة أني أمانة عنده من بعد وفاة الوالد، لكن يا شيخ هل يجوز أن يرفض كل المتقدمين إلى أن قل عددهم بشكل كبير ولما أناقشه يقول لم أرفض إلا بسبب شرعي هل هناك سبب شرعي يقول عن جنسية أو أصل أو غيره من الأعذار أليس الشرع قال: "من ترضون دينه وخلقه فزوجوه" ومن ترضون يعني أنه لم يحدد بعد مستوى الدين والخلق ما الحل يا شيخ طالما أخي لا يرضيه أحد.
نص الجواب
الأخت الكريمة سلام الله عليك ورحمته وبركاته، وبعد
لا شك أن مسألة المغالاة في مواصفات الخاطب من الأمور التي تؤدي بعدد من البنات إلى العنوسة ويكون الندم بعد فوات الأوان، نعم الحرص في اختيار الخاطب مطلوب ولكن الإسراف في هذا الحرص أمر مرفوض، ونصيحتي إلى أخيك الكريم أن ييسر أمر زواجك وأهمس في أذنه أنه لن يغني حذر من قدر، وما قدره الله عز وجل سيكون فليتق الله أولا ثم يتوكل عليه والله هو الميسر وهو الهادي إلى سواء السبيل.
أما ما سألت عليه من ناحية الجنسية أو الأصل فإن له في الشرع أصلا وهو مسألة الكفاءة، ولكن يمكن للأهل أن يتغاضوا عنها قليلا وخاصة إذا كان الفارق ليس كبيرا بين العائليتن، ومسألة الدين هي بالطبع في المقام الأول ويجب أن يكون الاختيار على أساسه أولا وأخيرا, والحل أختي الكريمة أن تتم مناقشة ومصارحة بينك وبين أخيك يناقش الأمر فيه بهدوء بعيدا عن التعصب والأفضل أن يتدخل حكم بينكما، وقد قرر الفقهاء أن المرأة إذا عضلها وليها (منعها عن الزواج فلها أن ترفع أمرها إلى القاضي الشرعي ليزوجها ممن هو كفء لها"
وقد عرض مثل هذا السؤال على الشيخ محمد ابن عثيمين رحمه الله فقال :
هذه المسألة مسألة عظيمة ومشكلة كبيرة فإن بعض الرجال والعياذ بالله يخونون الله ويخونون أمانتهم ويجنون على بناتهم ، والواجب على الولي أن يتَّبِع ما يُرضي الله ورسوله وقد قال الله تعالى : ( وأنكحوا الأيامى منكم ) أي زوِّجوا الأيامى منكم ( والصالحين من عبادكم وإمائكم ) أي زوجوا الصالحين من العبيد والإماء الرقيقات .
وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : " إذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير " .
وبعض الناس والعياذ بالله يجعل ابنته سلعة يبيعها على من يهوى ويمنعها عمن لا يهوى ، فيزوجها من لا يُرضى خلقه ودينه لأنه يرى ذلك ويمنعها من يُرضى دينه وخلفه لأنه لا يرى ذلك !
ولكن ليتنا نصل إلى درجة تجرؤ فيها المرأة على أنه إذا منعها أبوها من الكفء خلقاً وديناً تذهب إلى القاضي ويقول لأبيها زَوِّجْها أو أُزوجها أنا أو يُزوجها وليٌ غيرك ؛ لأن هذا حقٌ للبنت إذا منعها أبوها (أن تشكوه للقاضي) وهذا حقٌ شرعي . فليتنا نصل إلى هذه الدرجة ، لكن أكثر الفتيات يمنعها الحياء من ذلك .
وتبقى النصيحة للوالد أن يتقي الله عز وجل وأن لا يمنعها من الزواج فَتَفْسُدْ وتُفْسِد ، وليزن ذلك بنفسه : لو منع من النكاح كيف ستكون نفسه؟ وبنته التي منعها من النكاح ستكون خصماً له يوم القيامة . ( يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه لكل امرئ منهم يومئذٍ شان يُغنيه )
فعلى الأولياء من آباء أو إخوان أن يتقوا الله عز وجل ، وألا يمنعوا النساء مما هو حقٌ لهن : من تزويجهن من يُرضى دينه وخلقه. نعم لو أن المرأة اختارت من لا يُرضى دينه وخلقه فله أن يمنعها . لكن تختار رجلاً صالحاً في دينه قيماً في أخلاقه ثم يمنعها لهوىً في نفسه : هذا والله حرام ، وإثم وخيانة ، وأي شيء يترتب على منعه من الفساد فإن إثمه عليه .
والله أعلم.