السلام عليكم .
جاءت صناديق الإقتراع بالرئيس محمد مرسي إلى قصر الرئاسة في مصر .و كانت نبرة الإخوان خلال الحملة الإنتخابية نبرة التسامح و نبذ العنف .و التحلي بالأخلاق الفاضلة .
و وعد الرئيس مرسي شعبه بدستور توافقي يشارك في صياغته كل المصريين عن طريق ممثلين لهم من كل الفئات . و وعد مرسي الشعب بدولة مدنية .اساسها العدل و المساواة .
مرت الأيام و ليتها كانت أياما طويلة , فإذا بالدولة المدنية الموعودة صارت موؤودة .
و إذا بالدستور التوافقي يصبح دستورا توافقيا فيما بين الإخوان وحدهم لا غير .
و لا داع للحديث عن التيار السلفي الذي يرى أن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن .
و كأن الإسلام دين القهر و الزجر .
شيخ سلفي على قناة الرحمة يستدل زورا بالآية الكريمة ({....... الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ} (40) سورة يوسف).
ليوهم الناس أن الحكم يعني السلطان و إدارة الدولة .
و لم ينتبه الشيخ أن يوسف عليه السلام نفسه كان يعمل تحت ملك كافر .و لم يسع يوسف لقلب نظامه .
فالآية الكريمة لا تتحدث عن الحكم السياسي .بل تتحدث عن حكم الله أنه أمر بعبادته وحده و توحيده .بدليل تتمة الآية الكريمة .
و من يتتبع كتاب الله , لا و ين يجد آية واحدة تأمر المسلمين أن يقيموا دولة دينية .بل تأمرهم أن يحكموا بالعدل .
{إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا} (58) سورة النساء.
فأين العدل يا دكتور مرسي في إعلان دستوري لم يصدر من قبل إلا عن فرعون حين قال(لا أريكم إلا ما أرى)؟.
و من من الخلفاء الراشدين سعى لتحصين قراراته بإعلان كهذا ؟.
يا دكتور مرسي , إذا أردت تحصين قراراتك , فحصنها بالعدل .لأن العدل أقوى من أن يحتج عليه إنسان عاقل .
ثم ما هذا الدستور الذي ينفرد بصياغته الإخوان من دونهم؟.
و كيف يختزل الإسلام كله في تسمية أهل السنة و الجماعة , و أنت تنتمي إلى فرقة من فرق كثيرة جدا تنتمي معك لنفس التسمية ؟.
و ما رأيك في ملايين المسيحيين الذين يعيشون في مصر؟ و هي أرضهم كما هي أرض الإخوان ؟.
و هل تقبل دستورا يصوغ نصوصه المسيحيون , فيجعلون مرجع الدولة كتابهم المقدس ؟.
يا دكتور مرسي , الدولة شيء , يحكمه العدل و المساواة .
و أما الدين فبينك و بين ربك .
و لا فضل لمسلم على مسيحي أو ملحد في الدنيا .
و لا فضل لمسيحي على مسلم أو ملحد في الدنيا أيضا .
فرب ملحد طيب الخلق لا يؤذي أحدا .و رب متدين لا يسلم من أذاه أحد .
قيل : الدين لله و الوطن للجميع .
لكن للدقة : الدين للفرد و الوطن للجميع .
مصر على شفا جرف هار , إن استمر الإخوان في استكبارهم و استعلائهم بغير الحق .و قد لخص خطاب الرئيس مرسي موقفهم.فقطارهم لا يتوقف و في مقدمته كاسحات .لكن أين منهاه ؟.