| الطفولة في حياة المعصوم صلى الله عليه وسلم | |
|
+54khir zena22 انور صالح ابو البصل شبح المنتديات mco-48 9 مشترك |
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
mco-48
عضو نشيط
عدد المساهمات : 46 تاريخ التسجيل : 16/07/2012
| موضوع: الطفولة في حياة المعصوم صلى الله عليه وسلم الأحد 07 أكتوبر 2012, 12:45 am | |
| الطفولة في حياة المعصوم صلى الله عليه وسلم بسم الله الرحمن الرحيم مقدمة الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على المبعوث رحمة للعالمين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد: فلم تزل سيرة نبينا محمد r محلا لعناية أمة الإسلام جيلا بعد جيل، وقرنا بعد آخر، كما أنها لم تزل موردا عذبا ومعينا صافيا لاستلهام الدروس والعبر في مختلف المجالات: عقيدة وشريعة ومنهجا وتربية وسلوكا، وكان من عناية العلماء بها ما هو معلوم ومشهود بما لا يشابه هذه السيرة سيرة أحد من الخلق على الإطلاق. وفي هذا السياق أقدم هذه المقتطفات من بيت النبوة بما يظهر جوانب معينة من سيرة المعصوم r مما يتصل ببيت النبوة الوارف. وفي هذه المجموعة التي بين يديك اقتطفت أربع مجموعات من كتابي الكبير "بيت النبوة" ونظمتها في هذه المجموعات الأربع: 1- الطفولة في حياة المعصوم r . 2- لمحات من حياة النبي r مع بناته. 3- لمحات من الحياة البيتـية للنبي r . 4- لمحات من زواج المصطفى r بأمهات المؤمنين. وإني لأسأل الله تعالى أن ينفع بهذه المجموعة، وأن يجعلها في ميزان حسناتي وحسنات والدي، وأسأله سبحانه أن يجعلها مدنية من مرضاته وسببا لدخول جناته. آمين. وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
* * *
صفحات من طفولة المعصوم r عندما نتوقف للبحث في طفولة المصطفى r ، وبرغم قلة ما تم تدوينه ورصده بشأنها، مقارنة بمراحل حياته الأخرى، فإننا نجد أن هذه الطفولة قد امتزجت فيها صفحات من الابتلاء والأحزان والآلام بسبب فقد الأحبة، ولكن كان لهذا الإنسان الذي فقد أقرب نفسين إليه: والديه في وقت مبكر من حياته، كان له من العناية الربانية والحفظ الإلهي والإرهاصات ما يبين عظم شأن هذا القادم الجديد.... جنينا .... ثم طفلا، وما قبل ذلك وما بعده، وقد قال الله تعالى له: }فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا{([1]) أي: "بمرأى منا، وتحت كلاءَتنا، والله يعصمك من الناس" ([2])، فقد كان الله تعالى يهيئه للرسالة الخاتمة والتي سيحمل لواءها ويتولى بلاغها. بشارة الأنبياء ببعثة أفضلهم: قال الله تعالى مخبرا عما دعا به رسوله موسى عليه السلام: }وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآَخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآَيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آَمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ{([3]). قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: هذه صفة محمد r في كتب الأنبياء، بشروا أممهم ببعثه، وأمروهم بمتابعته، ولم تزل صفاته موجودة في كتبهم يعرفها علماؤهم وأحبارهم.اهـ([4]). وقال الله جل وعلا: }وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ{([5]). فعيسى عليه السلام هو خاتم أنبياء بني إسرائيل، وقد أقام في ملأ بني إسرائيل مبشرا بمحمد، وهو أحمد، خاتم الأنبياء والمرسلين، الذي لا رسالة بعده ولا نبوة. روى الإمام أحمد وغيره عن العرباض بن سارية السلمي ـ رضي الله عنه ـ قال: سمعت رسول الله r يقول: « إني عبد الله في أم الكتاب لخاتم النبيين، وإن آدم لمنجدل ([6]) في طينته، وسأنبئكم بتأويل ذلك: دعوة أبي إبراهيم ([7])، وبشارة عيسى قومه ([8])، ورؤيا أمي التي رأت أنه خرج منها نور أضاءت له قصور الشام ([9])، وكذلك ترى أمهات النبيين صلوات الله عليهم»([10]). قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: "المقصود من هذا الحديث أن نبوة النبي r كانت مذكورة معروفة من قبل أن يخلقه الله ويخرجه إلى دار الدنيا حيا، وأن ذلك كان مكتوبا في أم الكتاب من قبل نفخ الروح في آدم عليه السلام، وفسر "أم الكتاب" باللوح المحفوظ، وبالذكر، في قوله تعالى: }يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ{([11])" اهـ ([12]). المولد الشريف ومقدماته ([13]): اختار الله تعالى لنبينا محمد r أبوين شريفين كريمين، أما عبد الله بن عبد المطلب فقد كان أحب أبنائه العشرة إليه، وكان له في قريش حب ومكانة أثيرة، وقد بات ملء السمع والأبصار عقب حادثة نذر عبد المطلب ([14])، وما جعل له من الفداء العظيم، وكان محلا لرغبة قريش كل يرجو مصاهرته، لكن عبد المطلب وهو سيد قريش والخبير بأنسابها وأعراقها اختار له فتاة شريفة جليلة، كانت صفوة نساء قريش وفتياتها، إنها: آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة ([15])، وكنت ذات مكانة في قريش لا يكاد يدانيها فيها أحد من فتياتها. وتمَّ ذلكم الزواج الميمون، وما هي إلا أيام معدودة حتى سافر عبد الله في تجارة له إلى الشام، وبعد أن قضى شغله منها رجع ومر بأخوال أبيه عبد المطلب وهم بنو النجار بالمدينة، وقدر أن يمرض بها، فعاد رفاقه وبقي هو، فأرسل والده عبد المطلب أكبر بنيه وهو الحارث ليرجع به، ولكن ما أن وصل الحارث المدينة حتى علم بوفاة أخيه عبد الله. ولما بلغ الخبر مكة فجعوا به.... فجع به أبوه، وفجعت قريش، غير أن أعظم الأسى كان في نفس الزوجة الأثيرة آمنة.... التي لم تهنأ بزوجها إلا أياما معدودة. هكذا توفي عبد الله، وفي هذا الوقت لم يكن سيد الخلق إلا جنينا في بطن أمه، وهذا أبلغ ما يكون في اليتم، قال الله تعالى: }أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآَوَى{([16]). وقد ترك عبد الله إثر موته خمسا من الإبل، وقطيعا من الغنم، وجارية هي أم أيمن بركة الحبشية، فكان ذلك هو جملة ما يمكن أن يرثه ذلك الجنين اليتيم والسيد الكريم المنتظر: محمد r . ثم مضت أيام الحمل وشهوره، لتتابع ما تراه آمنة من أمور واكبت حملها من رؤى منامية تنبئ عن قادم عظيم، ومن مشاعر تختلف عما يجده الحوامل من النساء، ولم تزل أشهر حملها تتتابع، تترقب هذا الوليد الذي لم تجد في حمله أي وحم أو وهن أو ألم، حتى حلَّ ذلكم الأجل، عندما دنا فجر يوم الاثنين، الثاني عشر ([17]) من ربيع الأول عام الفيل ـ الموافق لسنة (570) أو (571) للميلاد ـ حيث حل بالأرض ما يؤذن بدنو المولد المبارك، وفي هذا تقول فاطمة بنت عبد الله والدة عثمان بن أبي العاص الثقفي: إنها شهدت ولادة النبي r حين وضعته أمه آمنة، وكان ذلك ليلا، قالت: فما شيء أنظر إليه من البيت إلا نور، وإني لأنظر إلى النجوم تدنو، حتى إني لأقول: ليقعن عليَّ([18]). وما أن وضعت آمنة بنت وهب وليدها المبارك حتى رأت أرجاء البيت وما حوله تتلألأ نورا وضياء، وبهذا جاء الحديث الصحيح: «أن أم رسول الله r رأت حين وضعته نورا أضاءت منه قصور الشام»([19]). فكان بذلك مولد سيد البشر، وخير الأولين والآخرين: محمد r ، السراج المنير الذي أضاء الله به دياجير الظلمات التي عمَّت الأرض آنذاك. وكان ذلك النور الذي أضاءت له الأرجاء عند وضعه إشارة إلى ما يجيء به من النور الذي اهتدى به أهل الأرض، وزالت به ظلمة الشرك منها، كما قال تعالى: }يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ{([20]). وقال تعالى: }الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آَمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ{([21]). وفي هذا المعنى يقول عمه العباس في أبياته المشهورة السائرة: وأنت لما ولدت أشرقت الـ
أرض وضاءت بنورك الأفق
فنحن في ذلك الضياء وفي الـ
ـنور وسبل الرشاد نخترق ([22])
وفي هذا السياق يورد المؤرخون ما صاحب المولد المبارك من أحداث متنوعة، من مثل انشقاق إيوان كسرى وسقوط شرفاته حتى لم يبق منها إلا أربع عشرة شرفة، وأولت بأنه إيذان بزوال ملكهم، وأنه لم يبق منهم إلا أربعة عشر ملكا، وكان كذلك، وما أصاب البحيرة العظيمة في ساوة ([23]) من الغيض ـ أي أنها جفت تماما ـ وخمود نار فارس التي كانوا يعبدونها، والتي لم تخمد منذ ألف عام قبل مولده r . وقد كان مولده r عقيب ذلك الحدث العظيم الذي سجله القرآن الكريم في سياق امتنان الله تعالى على قريش وعلى المؤمنين وبيان عاقبة المعتدين، إنها حادثة الفيل، عندما عزم أبرهة الحبشي على هدم الكعبة المشرفة فأهلكه الله وجيشه، ولم تمض إلا أيام معدودة، أربعون يوما أو نحوها، حتى ولد المعصوم r ، قال الله تعالى: }أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ * أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ * وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ * تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ * فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ{([24]). قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: كانت قصة الفيل توطئة لنبوته وتقدمة لظهوره وبعثته، وفي ولادة النبي r عقيبها دلالة على نبوته ورسالته، فإنه r بعث بتعظيم هذا البيت وحجه والصلاة إليه ([25])، فاقترن بمولده حماية البيت، واقترن بمبعثه تطهيره من الشرك ورده إلى ما كان عليه من دين إبراهيم الحنيف على التوحيد الذي لأجله بني البيت. وهكذا تنفرج أسارير هذه الأم الكريمة المكلومة بفقد الزوج الحبيب عندما أشرقت عليها الطلعة البهيجة لذلك المولود المبارك، والذي ملأ البيت من حولها نورا وسرورا، ورأت فيه السلوى عن كل ما قد فاتها أو يفوتها من مباهج الحياة الدنيا وزينتها. وها هي البشرى تزف للجد الشفوق عبد المطلب والذي لم تسعه الدنيا لفرحه بهذا الحفيد الحبيب، والذي رأى فيه ما يعوض حزنه على أبيه، وراح يشكر الله على هذه النعمة الجليلة والعطية الكريمة، وألهمه الله أن يسميه (محمدا) هذا الاسم الذي حماه الله أن يتسمى به أحد من قبل نبيه r ، فلم يتسمى به أحد إلا ما كان من عدد محدود سمي به بعض المولودين قرب مولده r لما قرأوا وعلموا من بعض الكتب والرهبان بقرب مولد خاتم الأنبياء والرسل، وما جاء من البشارة به في الإنجيل }وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ{([26])، رجاء أن يكون مولودهم هو صاحب تلك المنحة الإلهية. وطفقت قريش تتسامع بهذا المولود المبارك وباتت البشارة يتناقلها أهل مكة، واحتفى البيت الهاشمي بمولودهم محمد، فنحر جده الذبائح في اليوم السابع وأقام الولائم، وكل هاشمي تغمره الفرحة والمسرَّة، حتى إن أبا لهب عم رسول الله r لما جاءته مولاته ثويبة تبشره بولادة آمنة وأنها رزقت بمولود ذكر ما كان منه إلا أن أعتقها جزاء بشارتها له ([27]). وبقي نبينا r عند أمه الكريمة آمنة فترة وجيزة، فحين ولدته كان رضاعها له أياما معدودة، وأرضعته كذلك ثويبة جارية عمه أبي لهب مع ابن لها يقال له: مسروح. ولما كان من عادة قريش استرضاع صغارها في البوادي، ليكون ذلك أوفق لهم في أبدانهم وألسنتهم، فقد استرضع النبي الكريم r في بادية بني سعد بالطائف، لدى السيدة الجليلة حليمة بنت ذؤيب السعدية ـ رضي الله عنها ـ فتولت رضاعه وحضانته، واغتبطت بمقامه عندها أكثر من ثلاث سنين، وسنشير إلى شيء من هذه الذكريات الأثيرة في صفحات تالية بعون الله. ولما كان مبتدأ السنة الخامسة من العمر المبارك لنبينا محمد r عاد إلى أمه الحنون بعد أن قوي جسمه وبلغ من النضرة وتفتق الذهن ما لم يبلغه صبي في مثل عمره. وها هو سيد الخلق r يدرج في كنف أمه الكريمة، التي أشغلت به ليلها ونهارها، فقد أضحى هو كل شيء في حياتها، وها هو الجد عبد المطلب يلاحظه ويرعاه ويخصه بمعاملة متميزة من التوقير والرعاية والعناية ما لم يجده حتى بنوه، كل ذلك من رعاية الله له وعنايته به: }أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآَوَى{([28]). وعندما بلغ المعصوم r السادسة من عمره ارتأت أمه أن تذهب به إلى أخوال أبيه من بني النجار ([29]) بالمدينة، ليراهم ويروه، فأقامت عندهم شهرا من الزمان، وقد كانت ذكريات هذه الرحلة خالدة في ذاكرة نبينا r ، برغم حداثة سنه إذاك، فقد جاء في بعض الآثار ([30]) أنه r كان يذكر أمورا كانت في مقامه ذلك، لما نظر إلى أُطُم ([31]) بني عدي بن النجار عرفه وقال: "..... كنت مع غلمان من أخوالي نُطَيِّر طائرا كان يقع عليه....."، ونظر r إلى الدار فقال: "ههنا نزلت بي أمي، وفي هذه الدار قبر أبي عبد الله بن عبد المطلب، وأحسنت العوم في بئر بني عدي بن النجار"، هكذا يلتفت الحبيب r إلى تلك الأيام الخوالي وما تكتنفه من ذكريات أثيرة.... بصحبة أمه الرؤوم آمنة بنت وهب. وها هو الركب ييمم نحو مكة بعد أن قضت الأم وصغيرها تلك الأيام المعدودة، وفي الطريق بين مكة والمدينة حلَّ مرض بالأم الجليلة آمنة، حتى وافاها الموت بالأبواء، فشاهد نبينا r فراقها ورحيلها عن الدنيا.... وقاسى لوعة ذلكم الفراق، حتى إنه r لما مر بموضع موت أمه بعد أكثر من خمسين عاما توقف عند قبر أمه ومعه عشرة آلاف فارس، فلم يرعهم إلا وسيدهم وإمامهم r يذرف الدموع الحرَّى، فبكى وأبكى من حوله من أجل أمه الرؤوم([32]). ست سنين هي عمره r إذ فارق أمه، ليزيد جده عبد الطلب من رعايته والعناية به والشفة عليه، حتى إن عبد المطلب كان يوضع له فراش في ظل الكعبة، فكان بنوه يجلسون حول فراشه ذلك حتى يخرج إليه، لا يجلس عليه أحد منهم إجلالا، وكان رسول الله r يأتي وهو غلام يجلس عليه، فهم أعمامه أن يؤخروه عنه فينهاهم عبد المطلب قائلا: دعوا ابني، إنه ليُؤنِس مُلْكا، ثم يجلسه ويمسح ظهره بيده. وكان عبد المطلب يقربه منه ويدنيه، ويدخله عليه إذا خلا، وإذا نام، ولا يأكل طعاما إلا ويقول: "علي بابني" فيؤتى به إليه، وكان يوصي به حاضنته بعد وفاة أمه بركة أم أيمن ويؤكد على رعايته وملاحظته، فكانت كذلك في الرفق به والشفقة عليه وملاحظة شؤونه، ولهذا كان المعصوم r يذكر لها ذلك، فروي عنه قوله: «هي أمي بعد أمي». ولما بلغ نبينا r الثامنة من عمره حضرت الوفاة جده عبد المطلب، فأكد وصيته بنبينا محمد r ، وعهد إلى عمه أبي طالب بكفالته وحياطته، ولما مات عبد المطلب وجد المصطفى r لفقده حزنا عظيما كقدر ما كان يحبه، جاء في رواية لابن سعد في "الطبقات" أن رسول الله r سئل أتذكر موت عبد المطلب؟ قال: "نعم، أنا يومئذ ابن ثماني سنين". وقالت أم أيمن: رأيت رسول الله r يومئذ يبكي خلف سرير عبد المطلب. ثم انتقلت كفالة رسولنا r لعمه أبي طالب الذي كان وقتها أشرف قريش وأعظمها مكانة وأكرمها نفسا، برغم أنه لم يكن أكبر بني عبد المطلب سنا ولا أكثرهم مالا، فعظمت مكانة المصطفى عند أبي طالب وأحبه حبا شديدا، وكان يحرص غاية الحرص على ملازمته ويخصه بأشياء كثيرة من قبيل التكريم والتقدير، وقد لاحظ أبو طالب بركات حلول لرسول الله r في معيشته وزاده وطعامه. ولم تزل دلائل الشأن العظيم للنبي r تبدو لأبي طالب يوما بعد يوم، ومن ذلك ما كان عندما سافر معه إلى الشام حتى وصلوا بصرى، فأخبرهم راهب هنالك يقال له: بحيرى بما توسمه من مخايل النبوة والشأن العظيم لرسول الله r ، وما كان من إظلال السحاب له من الشمس، وغير ذلك من الدلائل، ونصحه أن لا يذهب به إلى الشام خوفا عليه من اليهود ([33]). ومما قاله أبو طالب يثني به على النبي r : وأبيض يستسقى الغمام بوجهه | |
|
| |
شبح المنتديات
مدير المنتدى
عدد المساهمات : 1300 تاريخ التسجيل : 01/08/2012
| موضوع: رد: الطفولة في حياة المعصوم صلى الله عليه وسلم الأحد 07 أكتوبر 2012, 6:11 am | |
| جزآك الله الاجر اضعاف مضاعفه وسدد خطاك وجعل الجنة مثواك وحفظك من كل شر وسوء وصلِ اللهم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين | |
|
| |
انور صالح ابو البصل
الادارة العليا
عدد المساهمات : 7858 تاريخ التسجيل : 26/10/2011 الموقع : https://anwarbasal.yoo7.com العمل/الترفيه : ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة
| موضوع: رد: الطفولة في حياة المعصوم صلى الله عليه وسلم الأحد 07 أكتوبر 2012, 9:17 am | |
| بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
جزاكم الله الجِنَان ... ورضي عنكم الرحمـــن
بارك الله فيكم
ودمتم و دام نوركم ساطع في جميع أنحاء المنتدى اخوكم انور ابو البصل
| |
|
| |
zena22
عضو مميز
عدد المساهمات : 135 تاريخ التسجيل : 08/09/2012
| |
| |
4khir
عضو مميز
عدد المساهمات : 70 تاريخ التسجيل : 13/10/2012
| موضوع: رد: الطفولة في حياة المعصوم صلى الله عليه وسلم السبت 13 أكتوبر 2012, 6:37 pm | |
| كلمات روعة ..~ وآحساس رآآقي ..~ ابدعت بطرحك الذووق ..~ يعطيك العافية ..~ ودي لك ..~
| |
|
| |
Youth
مشرف
عدد المساهمات : 891 تاريخ التسجيل : 30/07/2012 العمر : 25 الموقع : http://www.t-altwer.com/ العمل/الترفيه : طالب
| موضوع: رد: الطفولة في حياة المعصوم صلى الله عليه وسلم الخميس 25 أبريل 2013, 4:26 am | |
| يعطيك الف الف عافيه
موضوع رااائع
وجهود أروع
ننتظر مزيدكم
بشوووق | |
|
| |
$ جون سينا $
عضو مميز
عدد المساهمات : 121 تاريخ التسجيل : 09/05/2013
| موضوع: رد: الطفولة في حياة المعصوم صلى الله عليه وسلم الجمعة 10 مايو 2013, 8:17 am | |
| شكرا جزيلا ننتظر مزيدا من الابداع تقبل مروري وتحياتي | |
|
| |
حامل القرآن
عضو جديد
عدد المساهمات : 20 تاريخ التسجيل : 29/06/2013
| موضوع: رد: الطفولة في حياة المعصوم صلى الله عليه وسلم السبت 29 يونيو 2013, 9:58 am | |
| شكرآ جزيلا على الموضوع الرائع و المميز
واصل تالقك معنا في المنتدى بارك الله فيك اخي ... ننتظر منك الكثير من خلال ابداعاتك المميزة لك منـــــــ اجمل تحية ــــــــــي | |
|
| |
حفيد الصحابه
مدير المنتدى
عدد المساهمات : 319 تاريخ التسجيل : 02/04/2012
| موضوع: رد: الطفولة في حياة المعصوم صلى الله عليه وسلم الأحد 14 ديسمبر 2014, 8:46 pm | |
| شكرا لك على الموضوع الجميل و المفيد ♥ جزاك الله الف خير على كل ما تقدمه لهذا المنتدى ♥ ننتظر ابداعاتك الجميلة بفارغ الصبر | |
|
| |
| الطفولة في حياة المعصوم صلى الله عليه وسلم | |
|