خروج الرسول صلى الله عليه وسلم لقتال المشركين في بدر
خروج الرسول صلى الله عليه وسلم لقتال المشركين في بدر
* عن أنس ، قال بعث النبي صلى الله عليه وسلم بسبسا عينا ينظر ما صنعت عير أبي سفيان ، فجاء وما في البيت أحد غيري وغير النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا أدري ما استثنى من بعض نسائه ، قال : : فحدثه الحديث . قال : فخرج رسول الله فتكلم فقال : " إن لنا طلبة ، فمن كان ظهره حاضراً فليركب معنا " فجعل رجال يستأذنونه في ظهورهم في علو المدينة قال : " لا إلا من كان ظهره حاضراً " .
وانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه حتى سبقوا المشركين إلى بدر ، وجاء المشركون ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا يتقدمن أحد منكم إلى شيء حتى أكون أنا دونه " .
فدنا المشركون فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " قوموا إلى جنة عرضها السموات ولأرض " .
قال يقول عمير بن الحمام الانصاري : يا رسول الله جنة عرضها السموات والارض ؟ قال : " نعم " . قال : بخ بخ ؟ فقال رسول الله : " ما يحملك على قول بخ بخ ؟ قال : لا والله يا رسول الله إلا رجاء أن أكون من أهلها . قال : " فإنك من أهلها " .
قال : فأخرج تمرات من قرنه فجعل يأكل منهن ، ثم قال : لئن أنا حييت حتى آكل تمراتي هذا إنها حياة طويلة ! قال : فرمى ما كان معه من التمر ثم قاتلهم حتى قتل رحمه الله .
وقد ذكر ابن جرير أن عميراً قاتل وهو يقول رضي الله عنه :
ركضا إلى الله بغيرزاد إلا التقي وعمل المعاد
والصبر في الله على الجهاد وكل زاد عرضه النفاد
غير التقى والبر والرشاد
· عن علي ، قال : لما قدمنا المدينة أصبنا من ثمارها فاجتويناها وأصابنا بها وعك ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخير عن بدر [ فلما بلغنا أن المشركين قد أقبلوا سار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بدر ، وبدر بئر ، فسبقنا المشركين إليها] فوجدنا فيها رجلين : رجلا من قريش ومولى لعقبة بن أبي معيط ، فأما القرشي فانفلت ، وأما المولى فوجدناه [ فجعلنا نفقول له : كم القوم ؟ فيقول : هم والله كثير عددهم شديد بأسهم . فجعل المسلمون إذا ذلك ضربوه .
· حتى انتهوا به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له : " كم القوم " ؟ قال : هم والله كثير عددهم شديد بأسهم . فجهد النبي صلى الله عليه وسلم أن يخبره كم هي فأبى . ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم سأله : كم ينحرون من الجزر ؟ فقال : عشراً كل يوم . فقال النبي صلى الله عليه وسلم " القوم ألف ،كل جزور لمائه وتبعها " ] .
[ ثم إنه أصابنا من الليل طش منف من مطر ٍ] فانطلقنا تحت الشجر والحجف نستظل تحتها من المطر . ، [ وبات رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو ربه ويقول " اللهم إنك إن تهلك هذا الفئة لا تعبد " ] .
فلما طلع الفجر نادى : الصلاة عباد الله . فجاء الناس من تحت الشجر والحجف فصلى بنا رسول الله وحرض على القتال ثم قال : " إن جمع قريش تحت هذه الضلع الحمراء من الجبل " .
[فلما دنا القوم منا وصاففناهم إذا رجل منهم على جمل له أحمر يسير في القوم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم :" يا علي ناد حمزة " وكان أقربهم من المشركين من صاحب الجمل الأحمر ؟ فجاء حمزة فقال : هو عتبة بن ربيعة . وهو ينهى عن القتال ويقول لهم : يا قوم اعصبوها برأسي وقولوا : جبن عتبة بن ربيعة . وقد علمتم أني لست بأجبنكم .
فسمع بذلك أبو جهل فقال : أنت تقول ذلك . والله لو غيرك يقوله لأعضضته ، قد ملأت رئتك جوفك رعباً . فقال : أياي تعير يا مصفر استه ؟
ستعلم اليوم أينا الجبان .
فبرز عتبة وأخوه شيبة وابنه الوليد حمية فقالوا : من يبارز ؟ فخرج فتية من الأنصار مشببة ، فقال عتبة : لا نريد هؤلاء ، ولكن نبارز من بني عمنا من بني عبد المطلب ]
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " قم يا حمزة ، وقم يا علي ، وقم يا عبيدة بن الحارث ابن المطلب "
فقتل الله عتبة وشيبة ابني ربيعة والوليد بن عتبة ، وجرح عبيدة فقتلنا منهم سبعين ،وأسرنا سبعين ] .
وجاء رجل من الأنصار بالعباس بن عبد المطلب أسيراً ، فقال العباس : يا رسول الله إن هذا ما أسرني ، لقد أسرني رجل أجلح من أحسن الناس وجها على فرس أبلق ما أراه في القوم . فقال الأنصاري : أنا أسرته يارسول الله .
فقال : " اسكت ، فقد أيدك الله بملك كريم " .
قال : فأسرنا من بني عبد المطلب العباس وعقيلا ونوفل بن الحارث .
درجة الحديث عند أهل العلم :
حديث علي صححه الحاكم وأحمد شاكر والألباني .
غريب القصة :
ـ بسبس : هو بسبس بن عمرو . ويقال ابن بشير من الأنصار .
ـ عينا : أي متجسسا ورقيبا .
ـ عير أبي سفيان : هي الدواب التي تحمل الطعام وغيره من التجارات .
ـ طلبه : شيئا نطلبه .
ـ ظهره : الظهر الدواب التي تركب ، وظهرانهم أي مركوباتهم .
ـ بخ بخ : كلمة تقال عند المدح والرضى بالشيء ، وتكرر للمبالغة ، وهي مبنية على السكون ، فإن وصلت جررت ونونت فقلت بخ بخ ، وربما شددت ، ومعناها تعظيم الأمر وتفخيمه ( النهاية 1/101) .
ـ قرنه : أي جعبة النشاب .
ـ اجتويناها : اصابنا الجوى ، وهو المرض وداء الجوف إذا تطاول ، وذلك إذا لم يوافقهم هواؤها واستوخموها ( النهاية 1 /318 ) .
ـ الوعك : الحمى والألم من شدة التعب والإرهاق .
ـ يتخير : يتعرف .
ـ الجزور : الناقة المجزورة .
ـ الحجف : جمع حجفة وهي الترس .
ـ الضلع : جبيل منفرد صغير ليس بمنقاد يشبه بالضلع .
ـ اعصبوها برأسي : يريد السبة التي تلحقهم بترك الحرب والجنوح إلى السلم ، فأضمرها اعتمادا على معرفة المخاطبين أي اقرنوا هذه الحال بي وانسبوها إلي، وإن كانت ذميمة ( النهاية 3/244) .
ـ لأعضضته : أي قلت له : ( اعضض بأير أبيك )
ـ يا مصفر استه : رماه بالأبنة وانه يزعفر استه ، وقيل هي كلمة تقال للمتنعم المترف الذي لم تحنكة التجارب والشدائد( النهاية 3 / 36) .
الفوائد والعبر :
1- الاستطلاع وبث العيون قبل الحرب والاستفسار عن قوة الأعداء للاستعداد .
2- استعجال المؤمن لثواب الله سبحانه .
3- شحذ اللهمم والترغيب في الجنة ورفع المعنويات من وسائل النصر المهمة .
4- الدعاء عند اشتداد الكرب والشدة والحرب .
5- قد يضظر المسلم لقتال الأقارب دفاعا عن الدين .
6- جواز المبارزة بإذن الإمام قال الخطابي في معالم السنن ( 3/ 119) : " فيه من الفقه إباحة المبارزة في جهاد الكفار ، ولا أعلم اختلافا في جوازها إذا أذن الإمام فيها ، وإنما اختفوا فيها إذا لم تكن عن إذن من الإمام فكره سفيان .
الثوري وأحمد وإسحاق أن يفعل ذلك إلابإذن الإمام وحكى ذلك أيضا عن الأوزاعي ، وقال مالك والشافعي : لا بأس بها كانت بإذن الإمام أو بغير إذنه ، وقد روى ذلك عن الأوزعي .
قلت : [ أي الخطابي ] قد جمع هذا الحديث معنى جوازها بإذن الإمام ويغير إذنه ، وذلك أن مبارزة حمزة وعلي رضي الله عنهما كانت بإذن النبي صلى الله عليه وسلم . ولم يذكر فيه إذن من النبي صلى الله عليه وسلم للأنصاريين الذين خرجوا إلى عتبة وشيبة قبل علي وحمزة ولا إنكار من النبي صلى الله عليه وسلم عليهم في ذلك .
وفي الحديث من الفقه أيضاً أن معرفة المبارزة جائزة إذا ضعف أو عجز عن قرنه ، ألا ترى أن عبيدة لما أثخن أعانه علي وحمزة في قتل الوليد .
واختلفوا في ذلك فرخص فيه الشافعي وأحمد وإسحاق ، وقال الأوزاعي : لا يعينون عليه لأن المبارزة إنما تكون هكذا " أنتهى .
7- فراسة النبي صلى الله عليه وسلم
8- " ولله جنود السموات والأرض " .