المعروف لغة:
قال ابن منظور: (المعروف: الجود).
وقيل اسم لما تبذله وتسديه، قال الزجاج: «المعروف: ما يستحسن من الأفعال».
والمعروف مأخوذ من المعرفة، وهي في أصل اللغة العربية: اسم لما يعرفه القلب ويطمئن إليه، وتسكن إليه النفس، قال الله تعالى: ﴿وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً﴾.
المعروف شرعاً:
المعروف: اسم جامع لكل ما عرف من طاعة الله والتقرب إليه والإحسان إلى الناس.
المنكر لغة:
اسم لما تنكره النفوس وتشمئز منه ولا تعرفه، والمنكر من الأمر خلاف المعروف، قال تعالى: ﴿إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ﴾ أي أقبح الأصوات
المنكر شرعاً:
اسم جامع لكل ما عرف بالشرع قبحه، من معصية الله تعالى وظلم عباده.
عدد مرات كلمتي المعروف والمنكر في القرآن:
ورد لفظ المعروف في القرآن الكريم ثمانياً وثلاثين مرة وورد لفظ المنكر في القرآن ست عشرة مرة.
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في القرآن الكريم:
لقد تحدث القرآن الكريم في كثير من آياته عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وحثنا الله تبارك وتعالى على هذه المهمة السامية:
1- فقال تعالى: ﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ فجعل سبحانه الفلاح في الدنيا والآخرة مرتبطاً بالدعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
2- ويقول الله عز وجل: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ﴾.
• يقول الإمام القرطبي - رحمه الله - : هذه الآية مدح لأمة محمد صلى الله عليه وسلم لأنها تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، ويظل هذا معها ما أقاموا ذلك، فإذا تركوا ذلك التغيير زال عنهم اسم المدح، ولحقهم اسم الذم، وكان ذلك سبباً لهلاكهم؛ فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو شرط الخيرية.
• ويقول الإمام ابن كثير - رحمه الله -: يخبر تعالى عن الأمة المحمدية بأنهم خير الأمم، فقال تعالى: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ﴾.
• قال البخاري: حدثنا محمد بن يوسف، عن سفيان عن ميسرة، عن أبي حازم عن أبي هريرة رضي الله عنه ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ﴾ قال خير الناس للناس، تأتون بهم في السلاسل في أعناقهم حتى يدخلوا في الإسلام ثم قال رحمه الله تعالى: ﴿والمعنى أنهم خير الأمم وأنفع الناس للناس، ولهذا قال: ﴿تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّه﴾ِ.
3- ويقول الله أيضاً: ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾
في هذه الآية المباركة يبين الله تعالى أن من أسباب رحمته سبحانه وتعالى للمؤمنين هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
4- ويقول سبحانه وتعالى كذلك: ﴿الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ﴾.
وفي هذه الآية الجليلة يوضح الله تعالى أن الغاية من التمكين في الأرض والظفر بالسلطان والحكم، هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في السنة:
لقد جاءت السنة المطهرة تحث الناس على ضرورة القيام بمهمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهذا يتضح جلياً في كثير من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ومنها ما يلي:
1- روى مسلم من حديث أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان».
2- روى الشيخان من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إياكم والجلوس في الطرقات، فقالوا يا رسول الله ما لنا بد من مجالسنا نتحدث فيها. قال: فإذا أبيتم إلا المجلس فأعطوا الطريق حقه، قالوا: وما حق الطريق؟ قال: غض البصر، وكف الأذى، ورد السلام، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
3- روى الشيخان من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في العسر واليسر، والمنشط والمكره، وعلى أثرة علينا وألا ننازع الأمر أهله، إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم من الله فيه برهان، وعلى أن نقول الحق أينما كنا، ولا نخاف في الله لومة لائم»
4- روى أبو داود من حديث أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أفضل الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائر»
الآثار المترتبة على ترك الأمر بالمعروف:
لقد حذرنا الله تبارك وتعالى من ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لأن ذلك يترتب عليه كثير من المفاسد في البلاد والعباد، وقد جاء هذا التحذير في آيات كثيرة نذكر منها ما يلي:
1- قال الله تعالى: ﴿وَتَرَى كَثِيراً مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * لَوْلا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْأِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ﴾
قال ابن جرير الطبري: (كان العلماء يقولون ما في القرآن آية أشد توبيخاً للعلماء من هذه الآية ولا أخوف عليهم منها)
2- وقال الله تعالى: ﴿لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ﴾. في هذه الآية الكريمة يبين الله تعالى أن سبب لعن بني إسرائيل هو ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، واللعن هو الطرد من رحمة الله التي وسعت كل شيء.