بدأ عروة رحمه الله يسير متوكئاً على عصاً, فدخل ذات مرة مجلس الخليفة, فوجد في مجلس الخليفة شيخاً طاعناً في السن مهشم الوجه أعمى البصر, فقال الخليفة: يا عروة!! سل هذا الشيخ عن قصته. فقال عروة: ما قصتك يا شيخ؟!
فقال الشيخ: يا عروة اعلم أني بت ذات ليلة في وادٍ, وليس في ذلك الوادي أغنى مني, ولا أكثر مني مالاً, وحلالاً, وعيالاً, فأتانا سيل بالليل. فأخذ عيالي ومالي وحلالي, وطلعت الشمس وأنا لا أملك إلا طفلاً صغيراً, وبعيراً واحداً.
فهرب البعير, فأردت اللحاق به, فلم أبتعد كثيراً حتى سمعت خلفي صراخ ابني الصغير, فالتفتُ فإذا برأس ابني في فم الذئب فانطلقت لإنقاذه فلم أقدر على ذلك فقد مزقه الذئب بأنيابه, فعدت لألحق بالبعير فضربني بخفه على وجهي, فهشم وجهي وأعمى بصري.
قال عروة: وما تقول يا شيخ بعد هذا؟! فقال الشيخ: أقول اللهم لك الحمد أن تركت لي قلباً عامراً ولساناً ذاكراً.