يعتبر التربويون الإجازة الصيفية للمدارس من الأزمنة الخصبة، التي تنقل الطلاب من ضغوط الدراسة والمذاكرة، إلى الترويح عن النفس وممارسة الأعمال والأنشطة التطوعية والرياضية والفنية وما شابه ذلك. التي لم تكن ممارستها متاحة بما فيه الكفاية في فترة الدراسة والتحصيل العلمي.
ونحن في بداية الإجازة الصيفية، من الأهمية بمكان أن نتساءل عن كيف الطلاب من هذا الموسم، وما هي البرامج المقترحة التي تملأ فراغهم . وقبل الإجابة على هذا السؤال، من الضروري بيان أن الفراغ من العوامل الأساسية للانحراف في الوسط الاجتماعي.
فالإجازة الصيفية من الفرص السانحة على المستوى النفسي والزمني، الذي يستطيع فيها الشباب أن يستثمـرها في إنضاج خبراته، وبلورة كفاءاته، واكتساب المهارات الجديدة.
لذلك ينبغي أن تتكاتف كل الجهود من أجل استيعاب الطلبة في الإجازة الصيفية في برامج ترفيهية وتأهيلية، تنهي حالة الفراغ وتساهم في تنمية مواهبهم وصقل إمكاناتهم وإنضاج مقاصدهم.
وحول هذا الموضوع التقينا: بعدد من الطلاب في مختلف الأعمار للتعرف على آرائهم حول هذه المشكلة، والحلول التي تناسب ميولهم وأفكارهم حيث كان لقاؤنا الأول مع إيهاب حسن ( ثانية ثانوي) الذي قال: إن الفراغ مشكلة يجب وضع حلول لها أو التغلب عليها قدر الإمكان مشيراً إلى أن الاستغلال لوقت الفراغ يكون بالقراءة وبتقسيم الوقت بحيث لا يجد وقتاً يحس فيه بالملل وخاصة في فصل الصيف مؤكدا أن على الفرد أن يستغل وقت فراغه بما ينفع الناس ويخدم مجتمعه من خلال المشاركة في المناشط الصيفية المقامة في المنطقة التي يقطن فيها ويستطيع من خلال هذه المناشط أن ينمي مواهبه.
أما الطالب فخر الدين على ( ثالثة ثانوي) أكد أنه في الإجازة الصيفية سيستفيد من وقت الفراغ في الالتحاق بمعهد لتعليم الخط العربي، وذلك لأستفيد من وقتي وأصقل مهاراتي وأكسب معارف جديدة، كما أنه يحاول تقوية لغته الانكليزية بالالتحاق ببعض الكورسات.
وأضاف: أعاني من مشكلة في عدم فهم اللغة الانكليزية وسببت لي هذه المشكلة الكثير من المتاعب في المدرسة، لذلك أحاول الالتحاق بأي كورسات حتى أحسن مستواي في اللغة الانكليزية، فأنا ممتحن الشهادة الثانوية العام المقبل.
وقال: إنه يجب على الطلبة أن يستثمروا وقت الفراغ فيما يفيدهم ويعود عليهم بالنفع كالالتحاق بالمخيمات والكورسات وغيرها.
وأضاف فخر الدين: إن استغلال الإجازة الصيفية في التعليم يعتبر أفضل السبل لمن أراد أن يستغل وقته، ويقضي على وقت فراغه.
وقال الطالب هارون عبد النبي (سابعة أساس) : (بعد أن أنهيت السنة السابعة بتقدير ممتاز ، أعمل الآن مع والدي بمتجره بسوق أم درمان ... وما يمنحني له والدي نظير عملي معه سأدخره للكورسات وحصص التقوية والمعسكرات ).
وأضاف : إنه يجب على أخوتي الطلاب في الإجازة الصيفية أن يخططوا لقضاء وقت سعيد ومفيد في نفس الوقت، حتى لا يشعروا بالملل، ولا يتركوا للفراغ مجالاً في حياتهم.
اما الطالب معتز عمر (سادسة أساس) ، قال إن وقت فراغه في الإجازة الصيفية يستغله فى التدرب على لعبة الكرتيه، مؤكداً أن العطلة الصيفية تتيح له الفرصة بشكل أكبر لممارسة هواياته.
وقالت الطالبة هند الطاهر (ثانية ثانوي) ، إن الإجازة الصيفية تحتاج إلى تخطيط مسبق، وتفكير عميق قبل البدء فيها، وأنها فكرت جيداً في كيفية قضاء هذه الإجازة حيث التحقت بدورة للتطريز وأعمال الإبرة رأت أنها مفيدة ونافعة لها) ، وفي نفس الوقت لا تنسى ممارسة هوايتها في القراءة والاطلاع.
الألعاب الإلكترونية
وفي ظل اجتياح وسائل التقنية الحديثة لكل منزل، وجد الأطفال فيها وسيلة سهلة للترفيه لا سيما في الإجازة الصيفية ، لسد حالة الفراغ لديهم.
تقول الموظفة "سميرة " أم لأربعة أطفال: (ما إن تبدأ الإجازة الصيفية حتى ينشغل أطفالي بالألعاب الإلكترونية فهي هديتهم المفضلة في النجاح والأعياد، إلا أنني أعمل على توجيههم وتحديد أوقاتهم في اللعب، وعندما أخفق أخرج بهم في نزهة أو زيارة لأحد الأقارب خاصة في يومي الإجازة الأسبوعية ، فأنا موظفة "بوزارة المالية " وتضيف سميرة: "لا أخفي عليك إنهم يفضلون المكوث في المنزل ليمارسوا هواياتهم في اللعب على الخروج لزيارة أقاربهم أو التنزه مع بعضهم ).
موسم الخلاوي
وقالت المعلمة ابتسام على من مدرسة العمارات الثانوية بنات: إن استغلال وقت الفراغ في فترة الإجازة الصيفية يختلف حسب الفئة العمرية للطالب، ففي مرحلة الطفولة يجب الاهتمام بالأطفال في هذه الإجازة وذلك من خلال تنمية مواهبهم وصقل مهاراتهم الإبداعية، لأن هذه المرحلة يكون الطفل أكثر فهماً لاستقبال التعليم مؤكدة أنه يجب على الآباء والأمهات الاهتمام بالناحية الدينية لدى الأطفال، وذلك بمراقبة تصرفاتهم أيام الإجازات أو إلحاقهم بخلاوي تعليم القرآن الكريم.
تنمية المهارات
وقال المربي إسماعيل عبد الصادق: إن الطالب قد لا يجد الفرصة الكافية في أيام الدراسة والتحصيل العلمي لتقوية وتنمية مهاراته، لانشغاله بالدراسة ومتطلباتها. لهذا فإن الاجازة الصيفية من الفترات المهمة، التي من الضروري أن يستثمرها الطلاب في تنمية قدراتهم العلمية والأكاديمية والبدنية والذهنية، وترميم نواقصهم الفكرية والاجتماعية والنفسية.
لهذا من الأهمية بمكان أن تعمل أسرهم على توفير البرنامج الكفيل بتقوية مهاراتهم .
فالطالب الذي يرى أن من نواقص شخصيته (العلاقات الاجتماعية)، فينبغي له أن يستفيد من هذه الإجازة في تقوية علاقاته الاجتماعية، عبر زيارة الأهل والأصدقاء، والعمل على كسب أصدقاء ومعارف جدد. وبالتالي فإن الشاب يحول العطلة الصيفية إلى ساحة ومجال لتقوية الروابط الاجتماعية، والخروج من واقع العزلة والتقوقع على الذات. كما أن الشاب الذي لا تربطه مع جيرانه روابط الجيرة والمعرفة، بحاجة أن يستفيد من هذه العطلة في التعرف على الجيران.
والطالب الذي لم تساعده ظروف الدراسة للعناية بالجانب الفكري والثقافي في شخصيته، سيجد في هذه الإجازة الفرصة المناسبة للعناية بحقل الفكر والثقافة. والطالب الذي يرى أن ما ينقصه، هو مجموعة من المهارات الفنية والحرفية، بإمكانه أيضاً أن يستفيد من هذه العطلة في اكتساب هذه المهارات.
وهكذا تصبح العطلة الصيفية فرصة سانحة، تتوفر فيها جميع الظروف الموضوعية المساعدة للطلاب للعمل على تنمية قدراتهم ، عبر البرامج المتعددة التي تؤهلهم لذلك.
من هنا فإننا نقول: إن الإجازة الصيفية من الفترات المهمة التي ينبغي أن يستثمرها الطلاب في توفير متطلبات النجاح والتفوق. ونرى أن من الضروري أن تتحمل المؤسسات الرسمية والأهلية مسؤولياتها في هذا الصدد. فالمدارس ومؤسسات العلم المختلفة، ينبغي أن تكون لها بعض البرامج الصيفية التي تجذب وتستقطب العديد من الطلاب الذين سيجدون في هذه البرامج القدرة على تأهيلهم وتنمية مواهبهم.
كما أن الأندية الاجتماعية والثقافية عليها تقوم ببعض البرامج الصيفية الرياضية والترفيهية والثقافية، وذلك من أجل التأهيل النفسي والاجتماعي للكثير من الطاقات الطلابية . ولا بد أن ندرك في هذا المجال: أن الأندية من المؤسسات الهامة، التي تمتلك بنية تحتية مناسبة للقيام بهذه الأنشطة الكفيلة باستيعاب الطلاب في برامج متنوعة. لابد أن تسعى كل أنديتنا إلى القيام ببعض البرامج الصيفية المناسبة.
ومن الضروري أيضاً تشجيع المؤسسات الأهلية، على القيام ببعض البرامج والأنشطة الصيفية التي تستوعب مجموعة من الطلبة وذلك لتأهيلهم وتنمية مواهبهم. فالاستفادة من العطلة الصيفية، بحاجة إلى تكاتف كل الجهود، لذلك فإن تشجيع المؤسسات الأهلية مهما كان اختصاصها، على الانخراط في مشروع صيفي سيساهم في امتصاص الكثير من الطاقات الطلابية في المجتمع.
وللأسرة أيضاً دور في هذا المجال، وعلى كل أسرة التفكير العميق في طريقة الاستفادة من العطلة الصيفية على المستويات كافة.
استثمار الإجازة
وتساءل الدكتور حاتم هلاوي أستاذ علم الاجتماع التربوي بجامعة النيلين ، أين دور مؤسسات المجتمع المدني واتحادات الطلاب في المساهمة في خلق برامج تربوية مفيدة للطلاب والطالبات في الإجازة الصيفية تمكنهم من استغلال أوقات فراغهم الاستغلال الأمثل وتطور مداركهم وتنمي معارفهم؟
وأشار هلاوي إلى برامج التدريب الصيفي للطلبة في الجمعيات الكشفية والتطوعية، وقال إنها بحاجة إلى المزيد من هذه البرامج سواء من ناحية الكم أو الكيف وخاصة تلك النوعية من البرامج التي تفيد الأطفال وتساعدهم على تعلم أمور جديدة ومهمة وتجعلهم جزءاً فعالاً في المجتمع وتغرس روح التطوع والإيثار فيهم .
وقال هلاوي دولة اليابان تعد سنوياً برنامجاً خاصاً للطلاب للاستفادة من الإجازة الصيفية واستثمار الطاقات فيها، بل إن الأمر يتعدى الطلبة في كثير من البرامج ليشمل الأسرة بأكملها، خاصة الأم.
وأضاف : ( هذه البرامج من حيث الكم والتنوع كثيرة للغاية وتكاد تغطي جميع هوايات الطلاب ، بدءاً من الاستخدام الصحيح للعصي في الأكل أو ما يسمى باللغة اليابانية "هاشي" إلى الصناعات الخفيفة والتجميع الالكتروني مروراً بتغليف الهدايا وترتيب الزهور، إضافة إلى برامج حماية البيئة وكيفية إعادة التدوير والاهتمام بالنباتات والزهور ودراستها وغيرها من البرامج المفيدة فى تقوية مهارات الطلاب ومليء فراغهم بما يفيد) .
وتساءل هلاوي قائلا: "أين يطور الطالب مهاراته وقدراته وكيف؟ إذا لم تكن هناك إمكانية لتطوير المهارات والقدرات للطلبة في المدارس وأثناء الدراسة، فلماذا لا يمكن الاستفادة من العطلة الصيفية والاستثمار بها والمساهمة في جعلها ممتعة، متنوعة، ومفيدة للطلبة، أسرهم، وللمجتمع؟
وقال: على الجميع دور وواجب يحتم علينا الوقوف والتفكير في ما يمكن أن نقدمه لأبنائنا وبناتنا خلال إجازاتهم، واستثمار أوقات فراغهم في ما يعود على الجميع بالنفع وتطوير قدراتهم ومداركهم.
وأضاف: لدينا الكثير من البرامج التربوية، التوعوية، الثقافية، والتدريبية التي تم مباشرة العمل بها، فلماذا لا يكون لطلاب الأساس والثانوي نصيب منها، والتعلم باللعب والاستمتاع بوقتهم؟
وطالب الدكتور حاتم بالاستفادة من التجربة اليابانية في استغلال الوقت والمكان بحيث لا يؤثر في المنشأة وإنتاجيتها، ويمكن تقديم خدمة للمجتمع من خلال تعريف الطلبة وتعليمهم وتدريبهم على الإبداع في صناعات واختراعات تنمي عقولهم وتزيد من ثقتهم بأنفسهم.
امين
مدير المنتدى
عدد المساهمات : 1868تاريخ التسجيل : 19/07/2012الموقع : http://www.ahladalil.net/