يحتاج المجتمع المسلم دائماً إلى شخصيات متوازنة ذات قيمة فعلية تأخذ بيده وتؤثر فيه وتقوده نحو تحقيق ذاته وإثبات أثره الإيجابي المرجو، كما تحتاج الأمة دوماً إلى تلك الشخصيات الإسلامية الدعوية المؤثرة لتقويم مسار أفرادها وتحديد الأطر التطبيقية للعمل التنفيذي الخاص بالدعوة والحركة الإسلاميتين.
ومن ثم كان الاهتمام بتخريج دفعات متتابعة من الدعاة ذوي الشخصيات المتميزة والمؤثرة واجباً هاماً على عاتق العمل الإسلامي وقائديه. الدافعية للتأثير
الدافعية للتأثير شرط هام في التأثير في الآخرين، فالداعية الذي يريد ترك الأثر الحسن في الناس، ويريد دعوتهم إلى الله إرادة حازمة عازمة هو الذي يعتبر قد ابتدأ أولى الخطوات في هذا السبيل، أما الذي لم تتكون عنده الدوافع للتأثير فلن يؤثر.
والدافع هنا هو المحرك الأول للاهتمام بالآخرين، ولذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد علمنا أن نربي الناس بإيقاظ الدوافع الطيبة فيهم بطرق مختلفة، فمن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم :«لئن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم» [أخرجه البخاري]، فهو حديث واضح في إنشاء الدافعية لدى الشخصية الإسلامية نحو التأثير في الآخرين وتغييرهم إلى الهداية والصلاح، وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم : «نضر الله امرأ سمع مقالتي فوعاها وحدث بها»[ أخرجاه في الصحيحين]، يدعو له بالنضرة والصلاح، فهذا أيضا واضح في بثه صلى الله عليه وسلم الدوافع الإيمانية في الدعاة إلى الله أن يحدثوا بحديثه ويعلموا بعلمه، وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم : «الدال على الخير كفاعله» [رواه مسلم]، فهو هنا يدفع الداعية إلى بيان السبيل القويم للناس ودلالتهم على العمل الصالح ويبث فيه الرغبة في العمل بأن له أجر كأجر فاعله، وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم : «من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة..» [أخرجه مسلم].